كان بنو أميّة الذين أسّسوا الخلافة الأموية يقولون: نحن الحُكّام لأنّ الله نصرَنا (دليل السَّيف)، وتبعهم في ذلك بنو العباس (الخلافة العباسية) وبعدهم بنو عثمان (الأمبراطورية العثمانية)، وعلى نهجهم وسيرتهم ينحو هذه الأيام رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، فيدّعي الحذلقة والشطارة و"تدوير الزوايا"، ليقول للشعب اللبناني الصابر المحتسب: نحن الحُكّام، لأنّنا استطعنا تأليف حكومة جديدة حين فشل الآخرون،( السفير مصطفى أديب والرئيس سعد الحريري)، إلاّ أنّ ما لم يكن بالحسبان، تعطّلت جلسات الحكومة بأمر وليّ الأمر النافذ، وبعد أكثر من شهر ونصف من التعطيل والجمود، وجد الرئيس ميقاتي ضالّته في العمل "الفنّي" وتدوير الزوايا: لن أستقيل، ولن أدعو لاجتماع مجلس الوزراء، وآخر حبكة "فنّية" عنده هي: الحكومة "ماشية"، لكنّها لا تقوى على الجلوس، وبما أنّها ماشية فهي على قيد الحياة، وأمام هذا الهذيان والإمعان في تخريب البلد، لا يملك اللبنانيون سوى الصبر على هذا الرئيس الذي يعتمد تفوّق "العمل الفني" على تفوّق العمل السياسي، ودليله على ذلك هو وضع اليد على السلطة( يعاونه في ذلك الرئيس عون وصهره جبران باسيل، ومعهم الرئيس بري ووليد جنبلاط وسعد الحريري) في بلدٍ أو بعض بلد، وما تبقّى من دولة، ولا حاجة للإستزادة بأنّ الأعمال الفنية لا تخضع للرقابة والمحاسبة السياسية والشعبية، بل تبقى في دائرة المديح والإستحسان، أو الإمتعاض.

 


ما غاب ويغيب عن بال السيد نجيب ميقاتي أنّ العمل السياسي ليس حيلةً، أو اصطناعاً وتصنُّعاً( خاصة في حال ما أصاب لبنان من انهياراتٍ شاملة)، السياسة ليست تخييلاً واستغراقاً في الخيالات والأوهام، فالواقع الذي لا يعترف به ميقاتي أنّ حزب الله يمنعه من الحكم، لأنّ السيف في يده، هذا هو الواقع المأساويّ، لا الخيالات واللّعب على الألفاظ، حيث لا يمكن بحال البلد البائس تقديم "الإحتيال" على الصدق، والكذب والخداع على الحقيقة، فأقلِع يا رعاك الله عن التّوهم وعن مجازات الكلام وكناياته، فهذه لا يدّعيها إلاّ مُتصوّف رُفعت عنه الحُجُب، أو ساحرٍ يعتمد مدَد المعجزات. لا السياسي المُحاط بشياطين السلاح غير الشرعي ومافيات الفساد السياسي.