تتقاطع منذ عدّة أيام مواقف بعض قادة حزب الله (الحاج محمد رعد والشيخ نعيم قاسم والشيخ نبيل قاووق) مع مواقف أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، التي تستهين وتُطيح بكُلّ ما يمُتّ بصلة إلى دولة المؤسسات الدستورية والقانون، وهذه المواقف تستبيح أبسط حقوق المواطنين بالحصول على الخدمات الأساسية، كالتّعليم والطبابة والإنارة والمياه، وتأمين لقمة العيش، فهاهم يُكرّرون الدعوة لضرب القضاء عبر عرقلة وتعطيل تحقيقات القاضي العدلي طارق البيطار، وفي سبيل ذلك يُعطّلون  انعقاد جلسات مجلس الوزراء، رغم تسبُّبِه بشلَل كافة إدارات الدولة ومرافقها ومؤسساتها، وباتت خطابات السيد نصرالله وأقطاب حزبه تدعو في الآونة الأخيرة للنّكوص نحو دولة التّعسّف والإستبداد التي لا يحكمها القانون، بل القوة الإعتباطية، والتي يحتكر استعمالها حزب الله حصراً وتعسُّفاً، ولا يُلاقي حزب الله في الإمعان بتخريب الدولة ومنع قيامها بأبسط واجباتها اتّجاه المواطنين إلاّ التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، الذي يُصرُّ على فرز المواطنين حسب انتماءاتهم العِرقية والدينية والمذهبية والحزبية، وينقل المجتمع اللبناني، المفترض أنّه كان على درجةٍ من التّحضّر والالتزام بمعايير المساواة والديمقراطية، إلى العصبيات العشائرية والطائفية الضيّقة، بدل عصبية التّعاقد الإجتماعي بين الدولة والمواطنين، ليشعر المواطن أنّه ينتمي إلى وطنه، لا إلى طائفته أو عشيرته أو مذهبه، وإنّما إلى دولة المؤسسات والقوانين، وهذا ما يتعارض في الأساس مع ما هدفَ إليه تفاهم مارمخايل بين حزب الله والتيار الوطني الحر عام ٢٠٠٦.

 

دنا سقّاءٌ من فقيهٍ واقفاً على باب سلطانٍ، فسألهُ مسألة، فقال: أهذا موضع المسألة؟ فقال له السّقاء: وليس هذا موضع الفقيه.