بدا الفراغ الحكومي أفضل بكثير من ملئه بمثل حكومتي دياب وميقاتي بعد أن شهدنا معهما أسوأ الظروف وأقساها وأصعبها وعشنا من خلالهما عيشة ضنكا ولم يعد الإستمرار بمثل هاتين الحكومتين ممكناً وبات الخروج من نماذج حكومات الطبقة السياسية أمراً ملحاً وهذا ما يتطلب موقفاً ليس مندداً فحسب بل مقاطعاً لكل السياسات التي تدعم قيام حكومات مضاعفة للأزمات في لبنان والعمل على عصيان سياسي وهذا ما يمكن ممارسته بالوسائل المتاحة والممكنة قولاً وفعلاً بتوظيف كل وسيلة وكل وسيط إعلامي وكل حقل ميداني واجتماعي في الداخل والخارج لصالح هذا العصيان الذي يقطع أيّ علاقة بقوى السلطة تواصلاً واستماعاً من صغار الكسبة الى كبار السماسرة .

 


هو ضرب من الجنون ولكنه جنون عاقل يقودنا الى مواقف لا لبس فيها ولا رمادية بعد أن أصبح البؤسين السياسي والإجتماعي منتشرين وبكثافة وبسرعة هائلة ولا إمكانية للوقوف بوجه أسبابهما من خلال سياسة السعدنة أو المعلبة أو المرتهنة أو المنتهزة في وقت رخصت فيه الحياة وباتت تابوتاً مقفلاً بمفاتيح سلطة تشتهر بحفر القبور .

 


يصح هذا الموقف بعد أن آيسنا من وعود الإصلاح والتغيير ومن سلسلة مسلسلات وهمية من شأنها أن تلهي اللبنانيين وتجعلهم نائمين على حرير من صنع لصوص نهبوا المال العام والخاص .وهو يحتاج الى حشد كل طاقة سياسية حزبية وغير حزبية في ساحة القطيعة مع الواقع السياسي السائد ريثما يتغير من خلال الإستحقاق النيابي القادم .

 


ولا بًد من الإشارة الى أن أحزاب هذه الحكومات تعمل على تطيير الإنتخابات خوفاً من نتائجها ومن تغيير جزء أساسي من الواقع القائم وبالتالي تصبح القوى الممسكة برقبة الحكومات قوى غير قادرة على فرض شروطها من خلال ثقلها النيابي وهذا ما يفقدها شرعيتها كأكثريات وهذا ماتلتف عليه الآن أغلب أطراف قوى الطبقة السياسية لا الأحزاب الحاكمة فقط بمن فيهم تيار المستقبل .

 


وهنا يصبح الصعود المستمر للدولار مساهمة فعلية وأكيدة في خيارالتعطيل الذي بدأ مع القاضي البيطار وما رافق ذلك من تأزيم حكومي مطلوب واستمر أيضاً مع تصريحي وزيري الإعلام والخارجية العدائيين على العربية السعودية كما تصرفت المملكة من خلالهما من مواقف قاطعت بها لبنان اقتصادياً ودبلوماسياً وجاء الإختلاف على قانون الإنتخاب رصيداً جديداً يُضاف لسياسات التعطيل .

 

 

لذا باتت حكومة ميقاتي مجرد حكومة صرافة في السياسة والمال وبانت أكثر هشاشة من حكومة دياب ووحده الرئيس ميقاتي متقلب المضاجع لأن في بقائه خسارة وفي استقالته خسارة ولا ربح ينتظره في كلا الموقفين على خلاف وزرائه الذين يتمنون نومة أهل الكهف في وزاراتهم .