الفساد المالي والاداري، والخيار السياسي المفروص على الدولة هما سببان رئيسيان للأزمة لا يمكن لحزب الله أن يتجاهلهما في أي خطوة لمعالجة الازمة، وكل ما عدا ذلك محاولات بائسة لا تقدم ولا تؤخر في إخراج اللبنانيين من هذه الكارثة.
 

منذ  أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن استراتيجية حزب الله  لفكّ الحصار من خلال استقدام المازوت الإيراني للتخفيف من الازمة التي تطال اللبنانيين، لا يزال هذا الموضوع يتصدر الاهتمامات الاعلامية والشعبية خصوصا مع بداية فصل الشتاء وازدياد الحاجة إلى هذه المادة.

 

 

حاول حزب الله بإعلامه تصوير استيراد المازوت بالانجاز غير المسبوق ووضع الأمر كله كانتصار على "العقوبات والحصار" وأخذ قياديو الحزب باستغلال هذا الامر كمحطة للإبتزاز والتصويب يمينا وشمالا حتى خرج رئيس كتلة الوفاء للمقاومة لاستغلال هذا "الإنجاز" في بازاز التناقضات السياسية  والتصويب على المعارضين والخصوم من خلال المازوت باستخدام عبارة"زحط هؤلاء جميعا بالمازوت" ليظهر الصورة القصوى بالعلو والغرور ربطا بالتظاهرات الإعلامية والعراضات السياسية لهمروجة استقدام المازوت.

 

 

 

إقرأ أيضا : الاستقلال الضائع!!

 

 

 

بعد أشهر  قليلة ثبت لدى اللبنانيين عموما والبيئة الشيعية خصوصا فشل هذه التجربة وتلاشي كل الوعود والرهانات و "الانتصارات" باستمرار الأزمة على مصراعيها وأن أحدا من كل المؤيدين والمناصرين لم يحصل على نقطة مازوت واحدة حتى أولئك الذين استقبلوا الصهاريج وهللوا وصفقوا لهذا الإنجاز العظيم، ويبدو أن من زحط بالمازوت هو الحاج محمد رعد نفسه وحزب الله نفسه وزحطت معه كل "الاستراتيجيات" المتسرعة وذهبت أدراج الرياح.

 

 

شكل استقدام المازوت أزمة حقيقية لحزب الله تتصل بالسياسي والشعبي ذلك أن الإجراءات المتسرعة والمنقوصة نالت من الحزب وأصابته، وهو اليوم يجري الترتيبات اللازمة للخروج بالحد الأدنى من ماء الوجه، وسيطل الأمين العام للحزب قريبا في خطاب "مازوتي" محاولا التخفيف من الأزمة وسيتحمل مسؤولية الوعود السابقة بشروط وضوابط لتوزيع المازوت وهذه المرة قد لا يكون مازوتا إيرانيا.

 

 

 لا أحد من اللبنانيين إلا ويتمنى أن يخرج من هذه الأزمة الخانقة بل هذه الكارثة المعيشية والاقتصادية، ولا أحد يستطيع أن يرفض أي حلول لهذه الازمة من أي جهة كانت، ولكن ما حصل أن استخدم استقدام المازوت للتخدير والابتزاز الانتخابي، بل وأبعد من ذلك حين صُوِّر كإنجاز سياسي وكإنتصار على الحصار المزعوم واستخدم فيما بعد زورا وغرورا للهجوم على المعارضين ليتبين فيما بعد أن هذه الخطوة لم تكن أكثر من فقاعة وبدل أن "يزحط" الخصوم زحط حزب الله .

 

إقرأ أيضا :صفي الدين في بعلبك زيارة الرمق الأخير!!

 

 

لم تكن أزمة اللبنانيين في بدايتها بالمازوت ولا بالمحروقات ولا بالسلع الغذائية ولا "بكرتونة إعاشة" كانت الأزمة وما زالت بسرقة البلد ومقدراته بسياسات النهب والسرقة بالصفقات والمحسوبيات، وبالخيارات السياسية التي كانت دائما خارج المصلحة الوطنية، وخارج مصالح اللبنانيين، فكنا أمام أزمة غير مسبوقة لا يمكن حلّها بباخرة مازوت ولا بسلّة مساعدات من هنا أو هناك فيما يعلم حزب الله قبل غيره طُرق الحل وهي خارج هذا السياق الذي لن يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا.

 

 

الفساد المالي والاداري، والخيار السياسي المفروص على الدولة  هما سببان رئيسيان للأزمة لا يمكن لحزب الله أن يتجاهلهما في أي خطوة لمعالجة الازمة، وكل ما عدا ذلك محاولات بائسة لا تقدم ولا تؤخر في إخراج اللبنانيين من هذه الكارثة.