لا نريد التصويب على حزب الله بلغة الحاقدين أو المأجورين لكنه الواقع الأليم الذي يجب أن يعرفه حزب الله وهو نقاش لا بد منه في ظل ما وصلنا إليه فلم تعد محاولات الاستقطاب مجدية ولم تعد البطاقات التموينية ذات أهمية أمام هول الكارثة وهذه البيئة في الرمق الأخير لم تعد تغريها الوعود ولا الشعارات ولا أساليب التخدير وتزوير الوقائع.
 

كانت لافتة زيارة رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين إلى منطقة البقاع بعد سنوات من القطيعة بهذا المستوى من قيادات الحزب للمنطقة، وبعد انكفاء نواب المنطقة عن قضاياها وملفاتها المعيشية الضاغطة.

 

 

 

لا شك أن هذه الزيارة تشكل بداية للحملات الإنتخابية بالنظر إلى ما تضمنته من افتتاح مشاريع إنمائية عدة في بعض المناطق، وبالنظر إلى مستوى الحضور التنظيمي للحزب في المنطقة بعد غياب طويل، بالرغم من كل ما تعانيه المنطقة من إهمال وحرمان منذ عقود كان خلالها حزب الله غائبا عن المشهد المعيشي بالكامل، وعن المأساة المعيشية التي تعاني منها المنطقة ذات الأغلبية التابعة لحزب الله، والتي تشهد اليوم نقمة عارمة على حزب الله ونوابه وقيادته بسبب الإهمال واللامبالاة، في مرحلة من أقسى المراحل المعيشية التي تمر بها المنطقة خصوصا ولبنان عموما.

 

 

 

منطقة البقاع كما كل المناطق اللبنانية تلفظ أنفاسها الأخيرة على وقع الأزمة  الراهنة، وخطر الإنفلات الأمني والمعيشي بات قاب قوسين من الإنهيار، ولأن النقمة الشعبية باتت كبيرة وخطيرة على نواب الحزب تأتي زيارة السيد صفي الدين لامتصاص هذه النقمة بمشاريع هزيلة وبسيطة كان بإمكان أي نائب في الحزب أن يفتتحها، لكنها معركة إنتخابية بدأت  بتظاهرة إعلامية  هدفها امتصاص النقمة الشعبية من جهة، وإطلاق المزيد من الوعود والشعارات الإنتخابية من جهة ثانية، في تكرار ممل لخطابات الأمين العام لحزب الله خلال انتخابات 2018 والتي لم يتحقق منها أي شيء على الإطلاق.

 

 

إقرأ أيضا : لبنان الدولة أم لبنان الحزب؟

 

 

 

يطلق حزب الله على البيئة الشيعية في البقاع صفة "خزان المقاومة" وهي البيئة الأكثر فقراً وهي البيئة الأكثر مظلمة، وهي البيئة الأكثر إهمالا، رغم التضحيات الجسام والعطاءات الكبيرة لأهالي البقاع الذين لم ببخلوا بالغالي والنفيس من أجل الحزب والمقاومة، وكل الشهداء حاضرون للتأكيد على مستوى العطاء والتضحيات التي ما زالت حتى اليوم.

 

 

 

 هذه البيئة شكلت في انتخابات 2018 الرافعة   لحزب الله وفاز بالأغلبية التي يريدها بعد العهود الوعود، فصدق البقاعيون وكانوا على مستوى الأمانة لدماء الشهداء ولكن وألف ولكن.

 

 

 

ولكن كبيرة جديد ما الذي حصل منذ 2018 حتى اليوم؟ ما هي الإنجازات؟ أين الوعود التي أطلقها الأمين العام للحزب سماحة السيد حسن نصر الله حول معركة الفساد، حول مقاومة الفساد، حول الإنماء، حول الأزمات المعيشية المتراكمة منذ 2018 حتى اليوم؟ أين هم نواب المنطقة عن قضايا الناس؟ ولماذا هذا المستوى من الإهمال؟

 

 

منذ 2018 حتى اليوم كانت هذه السنوات أسوأ مرحلة في تاريخ اللبنانيين سياسيا واقتصاديا ومعيشيا، وتركت الناس لقدرها وفقرها وجوعها وموتها، فلم تكن المعالجات بالمستوى المطلوب غاب الحزب ونوابه، وهرب الحزب من مواجهة الناس إلى التضليل بمصطلحات الحصار والمؤامرات والاستراتيجيات الإقتصادية الفارغة  وشعارات التخدير "بالصبر والبصيرة" والصمود دون تقديم ولو الحد الأدنى لمقومات الصبر والصمود، فبقيت هذه الشعارات مجردة عن الواقع المأساوي والمؤلم  والمخيف الذي وصل إليه اللبنانيون عموما والبقاعيون خصوصا.

 

 

إقرأ أيضا : ماذا وراء الحملة على الجيش والامام الصدر؟

 

لا نريد التصويب على حزب الله بلغة الحاقدين أو المأجورين لكنه الواقع الأليم الذي يجب أن يعرفه حزب الله وهو نقاش لا بد منه في ظل ما وصلنا إليه فلم تعد محاولات الاستقطاب مجدية ولم تعد البطاقات التموينية ذات أهمية أمام هول الكارثة وهذه البيئة في الرمق الأخير لم تعد تغريها الوعود ولا الشعارات ولا أساليب التخدير.