لو فرضنا جدلا، أن خرج علينا الشهداء الان ( لاي طرف انتموا ) من أجداثهم، أو إستطعنا أن نحدثهم في عليائهم وسألناهم: هل أنتم راضون بما وصل إليه حالنا بعدكم وما نحن عليه الان ؟؟؟ فإنهم سيجيبوننا جميعهم من دون تردد بالنفي والغضب، ولسان حالهم يقول لنا: أنتم من خنتمونا عندما اتبعتم احزابنا وزعماءنا وتركتم قضايانا التي بذلنا أرواحنا من أجلها، وهي أن تعيشوا بعدنا عيشة تليق بكم ونتمناها لكم. فجعلتمونا بذلك مجرد شهداء ... ولكن من دون قضية !...
 

لا تعدم الاحزاب عندنا من استخدام كل وسيلة من أجل ضمان استمراريتها، وهذا حق مشروع وبديهي ولا إشكالية فيه، إنما الاشكالية تكمن باتباع أساليب وطرق ملتوية،  فقط لضمان بقائها الذي هو فرع من بقاء الزعامات الحزبية التي تختصر بشخصها وحاشيتها الحزب أو التنظيم.

 

 

من هذه الاساليب هو التلطي خلف الشهداء واهالي الشهداء، فحركة امل ام السبعة الاف شهيد، يستحضرونهم واهاليهم عند كل نقاش او انتقاد أو إنتخاب ممكن ان تصادفه  مع اي حركي، وكذلك الحال مع بقية الاحزاب، فانتقاد وليد جنبلاط هو عند الحزبيين انتقاد لكل شهداء الحزب التقدمي وتضحياتهم، والاقتراب من سمير جعجع هو مس بشهداء القوات وكذلك هو الحال مع السيد حسن 

 


حتى بتنا نشعر وكأن "الشهداء" ودماءهم هم من ممتلكات الاحزاب ومن أدوات الزعامات ليس الا، تماما كما الشقق والمؤسسات والمكاتب التابعة لاحزابها، يُستعملون بكل اسف كمتاريس مقدسة للدفاع عن رئيس الحزب وامينه العام ويتحركون معه أينما ذهب كما اتباعه الاحياء بدون أي نقاش أو مساءلة، فيتحول هؤلاء الشهداء الى مجرد ارقام بلا روح ولا معنى، حين لا يعودون هم البوصلة التي يتبعها الحزب ورئيسه، ويفقدون ارواحهم مرة جديدة حين يفقدون دورهم كمرتكز وكعصى الرحى التي يجب ان تدور حولهم الاحزاب وليس العكس بحيث يصار الى تحريكهم وفق رغبات زعيم الحزب الذي بات يشكل هو المرتكز

 


المفترض ان الشهداء ضحوا بانفسهم وارواحهم ودمائهم لإيمانهم بقضية سامية تستحق منهم حجم تلك التضحية، وبالتالي فإن القضية التي من اجلها استشهدوا هي وحدها معيار الوفاء لهم والسير على خطاهم، وليس الحزب الذي استشهدوا فيه ولا الزعيم الذي استشهدوا معه، وعليه فلا معنى ولا ترابط البتة بين الشهداء وتضحياتهم وبين احزابهم أو قادتهم وإنما الترابط الوحيد والحقيقي هو بين الشهداء وبين قضاياهم التي من أجلها استشهدوا، والاخلاص لهم والوفاء لدمائهم إنما يكون حصرا بالوفاء لقضيتهم.

 

 


 
الخديعة التي تستعملها الاحزاب والمغالطة الكبرى هي بالربط المفتعل بين شهادة الشهداء وبين الزعيم او الحزب، وأن الوفاء للشهداء هو بالوفاء والتمسك بالزعيم والحزب وهذا ما لا يمكن ان يقبله عاقل، فإبن الشهيد وعائلة الشهيد واصدقاء الشهيد يحفظون دماءه ويصونون روحه بحمل قضيته وليس بالانتماء لحزبه ولا بالولاء لزعيمه ولا حتى بالعمل على دوام وبقاء المعركة التي فيه استشهد وإلا لما انتهت الحروب ولا توقفت المعارك منذ الازل.

 

 

لو فرضنا جدلا، أن خرج علينا الشهداء الان ( لاي طرف انتموا ) من أجداثهم، أو إستطعنا أن نحدثهم في عليائهم وسألناهم: هل أنتم راضون بما وصل إليه حالنا بعدكم وما نحن عليه الان ؟؟؟ فإنهم سيجيبوننا جميعهم من دون تردد بالنفي والغضب، ولسان حالهم يقول لنا: أنتم من خنتمونا عندما اتبعتم احزابنا وزعماءنا وتركتم قضايانا التي بذلنا أرواحنا من أجلها، وهي أن تعيشوا بعدنا عيشة تليق بكم ونتمناها لكم. فجعلتمونا بذلك مجرد شهداء ... ولكن من دون قضية !...

 


 وأن من الوفاء لنا قد يكون بمواجهة احزابنا وزعماءنا وليس العكس .