إن كل ما نشهده من زوابع وعواصف فاشلة في فنجان المنطقة هو نتاج تباين بين براغماتية طهران الذاهبة نحو التسوية، وراديكالية حارة حريك صاحبة شعار ( اذا بدك تجوعني بدي اقتلك )، والتي سوف تهدأ أواخر هذا الشهر في فيينا، والى ذلك الوقت حمى الله المنطقة ولبنان .
 

ليس صدفة أن تشهد المنطقة هذا الفوران المفاجىء، من عين الرمانة وتعطيل الحكومة، مرورا بسوريا التنف، وصولا الى بغداد الاغتيال المسيّر، وختامها في  مأرب اليمن،
فلا يحتاج المرء الى كثير من المؤونة العقلية ليدرك أن إشعال هذا الجزء من محور الممانعة هو نتاج قرار مسبق، وعن سابق تصور وتصميم، بغض النظر عن مكان صدور هذا القرار التصعيدي وهل هو طهران نفسها أم حارة حريك بقبة باط ايرانية ؟! 

 

 

قد يعترض معترض هنا، على هذا التقسيم بمصادر القرار بين طهران وحارة حريك، هذا الاعتراض مبني أساسا على نظرية أن حزب الله وأمينه العام ما هم إلا جنود مجندة عند النظام الايراني، وأن مثل هذا الفعل وبهذا الحجم لا يمكن أن يخرج من حارة حريك فقط بدون موافقة ورعاية وأوامر طهران.

 

 

أقول وأصرّ كما كل مرة وعلى عكس ما يظنه كثيرون، أن حزب الله وعلى رأسه الامين العام السيد حسن نصر الله، صار في السنوات الاخيرة شريكا في القرار الايراني وليس مجرد تابع، بالاخص بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني، مما يعني أن هامشا واسعا من صناعة القرار الايراني بالمنطقة يساهم فيه الحزب فاعلا وليس منفذا للاوامر فقط

 


طبعا الاولوية دائما هي مصلحة النظام في ايران.

 


 
وعلى ضوء ما تقدم، يطفوا هنا السؤال الاهم، لماذا يعمد الحزب الآن على تسخين المنطقة ولأي سبب والى متى؟ 

 


أعتقد أن النظام الايراني حسم خياره بالذهاب الى التسوية مع الاميركي وموعد الذهاب إلى محادثات فيينا في 29 من هذا الشهر لن تكون كما سابقاتها، وأن ما قاله علي باقري مساعد وزير الخارجية الايراني – في تغريدة – عن مباحثاته في بروكسل مع الجانب الاوروبي ووصف مباحثاته بالجدية والبناءة هو مؤشر حقيقي لموقف طهران ومسارها التفاوضي وحسم خيارها بالوصول الى اتفاق جديد مع الاميركي قد يخشاه حزب الله ولا يرضى به، وهو يدرك أن ملفه سيكون حاضرا بقوة على طاولة النقاش.
 
هذا الموقف الايراني المستجد والذي أملته الازمات الاقتصادية المتفاقمة في ايران نتيجة العقوبات التي بدأت تؤتي أكُلها كان قد أبلغه وزير الخارجية الايراني عبد اللهيان اثناء زيارة بيروت الشهر الماضي ولقائه السيد حسن الذي طلب الاخير إعطائه مهلة لمحاولة قلب الطاولة أو على الاقل تحسين شروط التفاوض فلا يذهب الوفد الايراني ضعيفا خاويا مثقلا بأزماته الاقتصادية فقط، بل محملا بملفات أزمات المنطقة ككل. ر ر

 

 

 وبالتالي فإن كل ما نشهده من زوابع وعواصف فاشلة في فنجان المنطقة هو نتاج  تباين بين براغماتية طهران الذاهبة نحو التسوية، وراديكالية حارة حريك صاحبة شعار ( اذا بدك تجوعني بدي اقتلك )، والتي سوف تهدأ أواخر هذا الشهر في فيينا، والى ذلك الوقت حمى الله المنطقة ولبنان .