دخل البلد فصلاً جديداً، سيكون له مترتبات كثيرة تفرض وقائع جديدة، وترتبط بسياق الأزمة في البلد ونفوذ حزب الله، وترسيم الحدود، وغيرها من الملفات التي يطلق عليها إنجاز الإصلاحات.

 


حيث باتت الأزمة اللبنانية تأخذ أبعاداً متشعبة جداً، فلم تعد محصورة بتفاصيل يومية تتعلق بالحكومة، وبمواقف حزب الله الرافضة لإقالة وزير الإعلام جورج قرداحي. أصبح لبنان ساحة مباشرة للتجاذب الدولي والإقليمي على مشارف موعد المفاوضات الإيرانية- الأميركية. سيتشدّد الإيراني، ومن خلفه حزب الله، أكثر في لبنان للإمساك بأوراق عديدة في المفاوضات، فيما واشنطن تصرّ على ضرورة ترسيم الحدود سريعاً، ولذلك هي تريد بقاء الحكومة. في المقابل تبدو السعودية مصرّة على تصعيدها ما يعني أنّ لبنان سيكون في حالة مواجهة إقليمية ودولية شرسة جداً، فيما ستسعى فرنسا إلى تهدئة الأزمة، ولكن لا يبدو أنّ هناك مؤشّرات حول قدرتها على تحقيقها،في المقابل، يبقى الموقف السعودي على حاله. ترفض السعودية البحث في الملف اللبناني مع أي جهة خارجية. هذه سياسة تدخل في سياق تثبيت منطق تشددها تجاه البلد، وتأكيد أنه غير خاضع لأي مساومة على ملفات أخرى. وقد أبلغ السعوديون ذلك للفرنسيين، والأميركيين وللإيرانيين أيضاً. وأنه لا يمكن مقايضة الملف اللبناني بالملف اليمني أو أي ملف آخر
بات من الملموس العجز الرسمي عن بلورة موقف تجاه العلاقة مع السعودية ما يجعل الوضع العامة في دوامة قاتلة كون لبنان لا يحتمل العبثية التي باتت نهجا سائدا في السياسة،كما أن تعطيل المؤسسات الدستورية يضع لبنان امام حائط مسدود.

 

 

يراهن اكثر من طرف سياسي على  مستجدات في الإقليم قد تتأخر وتتعثر،  والسعودية التي ليست بوارد سماع تبريرات حيال ما تعتبره تهديدا لامنها القومي وضرب مصالحها الحيوية ، تفتح باب الحلول الجدية على قاعدة تثبيت حلول نهائية بعيدا عن الترقيع والالتفاف على مطالبها.  وشكلت  عبارة طفح الكيل مفتاح النقاش الأساسي  أمام جميع الوسطاء الذين دخلوا على خط الازمة.

 


أمام هذا المشهد المربك وحال القلق ، يصح القول بأن وضع لبنان أصبح أكثر من معقد فكل ما يجري مجرد هوامش فيما اصل العلة تحديد موقع لبنان من الاصطفاف الإقليمي الحاد.

 

 

فكيف الحال وقد أصبح  دولة عاجزة ومفلسة باتت تعيش على المساعدات وبرامج الدعم ثم هل يحتمل نسيج لبنان تبديل انتمائه العربي وهويته الثقافية والحضارية باحلاف سياسية وعسكرية وبقوة الامر الواقع هذه التساؤلات ليست نابعة من عصف فكري بقدر ما تفرض نفسها أمام حدة الانهيار وسرعة التدهور على الصعد كافة في لبنان.

 

 

ما يزيد من عناصر القلق هو وصف المرحلة بالمراهقة السياسية المفرطة ، حيث ان فريقا سياسيا يسعى للاستثمار حتى في الفراغ الدستوري بعد  تعطيل المجلس النيابي والتهرب من اجراء  الانتخابات النيابية وتاليا  الاستحقاق الرئاسي، ما يفرض بقاء رئيس الجمهورية عند نهاية ولايته، وبالتالي فرض تسوية لإعادة تقاسم السلطة على اسس جديدة توصل إلى تغيير جذري في هوية لبنان ودوره في المنطقة.

 


وهنا لا بد من السؤال ماذا تنفع كل هذه السيناريوهات عندما تتحلل كل اسس الدولة ومقوماتها .

 

 

المساعي الدولية، وتحديدا الاميركية والفرنسية لتهدئة الازمة الناشئة بين لبنان ودول الخليج، متواصلة، وقد اتهم وزير الخارجية الاميركية انطوني بلينكن، بعيد لقائه نظيره الاماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان حزب الله بأنه يهتم بمصالح ايران اكثر من اهتمامه بمصالح لبنان واللبنانيين، ليخلص مؤكدا أن واشنطن تأمل في أن تستعيد الرياض وحلفاؤها العلاقات مع لبنان، مشددا على وجوب أن تبقى قنوات الاتصال مفتوحة، وقد جاء الرد السعودي سريعا، على لسان السفير في لبنان وليد البخاري قائلا  أن الازمة تكمن تحديدا في أن القديم ينتظر، والجديد لم يولد بعد.

 


مع الاسف ان السلطة، لم تستوعب كفاية بعد، خطورة ما يجري، ولم يلتمس الممسكون بزمام القرارات السبيل الذي يقود الى ردم الهوات الكبيرة التي حفرتها ايران واتباعها منذ مدة غير قصيرة، في جدار العلاقات الاخوية والمصيرية والنهضوية اللبنانية السعودية فماذا بعد والى اين.

 

 

وفي ظل هذه الأجواء تستمر الأزمة الحكومية، في ظل إصرار رئيسها، نجيب ميقاتي، على إيجاد حلٍ للأزمة يبدأ من استقالة وزير الإعلام، وهنا سيكون أمام ثلاثة سيناريوهات الأول مغادرة قرداحي، وبعدها يبدأ بوقف النزيف مع دول الخليج. الثاني استقالته شخصياً مع ما سيكون لذلك من تداعيات على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

 

 

 لكن مصادر متابعة تستبعد ذلك في هذه المرحلة. أما السيناريو الثالث فهو بقاؤه في منصبه، وهنا سيكون أمام جملة احتمالات، إمّا أن يبقى الواقع على حاله، فلا تعقد جلسات الحكومة قبل البت بقضية القاضي طارق البيطار، وحينها يكون الوقت قد مرّ وسط رهانه على هدوء العاصفة الخليجية، وإمّا أن تطول الأزمة كثيراً وتبقى الحكومة في حالة تعطيل، وتتزامن مع تصعيدٍ سعودي وخليجي.

 

 

بحال استمر الاستعصاء فإنّ المؤشرات تفيد بأنّ الوضع في لبنان سيذهب نحو مزيدٍ من التعقيد، في ظل تشعّب الملفات القضائية والأمنية والسياسية، ما قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في القطاعات المختلفة. هذا الواقع قد يؤدي إلى تطيير الانتخابات النيابية، وحصول توترات أمنية بانتظار حصول صفقة كبيرة في المنطقة، ويبدو أنّها ستكون طويلة.