لم تكن المنطقة العربية عُرضةً للتّدخلات الأجنبية عامةً، والإقليمية خاصة، كما هي اليوم. فالتّدخلّ الإسرائيلي أصبح أمراً واقعاً ومريراً ،ويتحكّم بمفاصل المنطقة الجنوبية على امتداد بلاد الشام، وصولاً إلى تخوم العراق. والتّدخُل الفارسي شرقاً في المنطقة الممتدة من الخليج العربي، مروراً بسوريا حتى مياه البحر الأبيض المتوسط في لبنان، ينشر دعاوى ولاية الفقيه، وما يلزمها من سلاحٍ وكردسةٍ وبسطَ نفوذ، وهيمنة إيرانية، والتدخل التركي شمالاً واضحٌ وجلي. لذا فإنّ المنطقة العربية بأسرها تعاني من هذه التدخلات المدمّرة ،عمرانياً واقتصادياً وسياسياً وبشرياً.وتبدو مُمزّقة الأشلاء، لا يجمعُها جامع، ولا تُوحّدها رؤىً. ولّى عهدُ الأحزاب القومية، والأحزاب الشيوعية، والأحزاب الوطنية. حلّت محلّها التجمعات الطائفية والمذهبية،التي تمرّست في خرق الأعراف الديمقراطية وقِيمها، وتوزّعت بين مناهضٍ لبقايا الديكتاتوريات، أومُناصرٍ لها. ووسط هذا الرُكام، لم يبقَ للجماهير سوى نزفُ الدماء المتواصل،ويسألونك كيف  ترمي جموع المهاجرين والنازحين بفلذات أكبادها إلى البحر؟ شاخصةً إلى البرّ الأوروبي، علّه يكون برُّ الأمان، وخشبة الخلاص.ولا يبقى من يصرخ: وامُعتصماه،واعرباه.