أعلنت وزارة المال استئناف التواصل مع صندوق النقد الدولي، مبديةً استعدادها لـ»التقدّم» نحو الوصول إلى الاتفاق على برنامج التعافي المناسب، الذي يمكن أن تدعمه المؤسسة، وتسخير الدعم الواسع من المجتمع المالي الدولي.

 

نبحث عن الاستدانة مجدداً من دون ان نسعى الى زيادة الإنتاج.

إذا سعينا للاستدانة من دون زيادة الإنتاج نكون استسلمنا للتعتير. فأين الخطط العملية الملموسة للوصول الى اقتصاد منتج، خطط وبيانات وزارية تستعمل التعابير نفسها مرة بعد مرة من دون تفاصيل وجدول زمني واضح.
الإنتاج لن يتحقق من دون الشفافية المطلقة وتغيير الإجراءات الإدارية ومراجعة جدّية للضرائب التي تؤذي الاستثمار، من دون هذه الخطوات لن نتمكن من استقطاب مستثمرين من الخارج والداخل، ولن نعيد الثقة بالاقتصاد اللبناني.
الديون الجديدة سيتكبّدها المواطن اللبناني، بعد ان استولوا على ودائعه وتعبه وتمّ السكوت عن الأموال المنهوبة.


الأخطر من ذلك، انّ الجميع بلا استثناء، من السلطة الى الأحزاب، المعارضين، المجتمع المدني والثوار، صامتون عن التقارير المدققة لمصرف لبنان، لا أحد يسأل عنها، ولا أحد يطالب بها. وللتذكير، تقارير التدقيق كانت تقوم بها شركتا «ديلويت اند توش» و»ارنست اند يونغ»، فهاتان الشركتان العالميتان تقاضتا مبالغ من مال الشعب لتقوما بتدقيق سنوي في حسابات مصرف لبنان المركزي منذ العام 1992، أي منذ ما يقارب الـ26 عاماً.
نستعين بشركات جديدة وندفع لها اتعاباً، وننتظر منها تقارير، في حين انّ التقارير المدققة موجودة ومختفية، ولا احد يرفع الصوت للحصول عليها.

 

الصمت عن هذه التقارير مريب، وغالب الظن انّها تدين المسؤولين، فلو كان غير ذلك وكانت التقارير سليمة ولا تبين أي تجاوز، لكانوا نشروها وتباهوا بها.
وكانت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي قد تمّ تعليقها في تموز الماضي، لأنّه لا يوجد وضوح في الارقام. فكيف ننطلق في جولة مفاوضات جديدة من دون ان يكون عندنا تصور حقيقي عن الأرقام والتقارير. كما انّ من شروط صندوق النقد الدولي تنفيذ الإصلاحات المطلوبة ومحاربة الفساد. بالتالي، اذا كان صندوق النقد يريد حقيقة مساعدة لبنان، عليه ان يفرض إقرار قانون الشفافية كشرط لمساعدة لبنان. وايضاً للتذكير، «قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة» جاهز، وقد قدّمه تكتل «لبنان القوي» الى المجلس النيابي في شباط 2020.


من جهة أخرى، يستطيع صندوق النقد الدولي مساعدة لبنان عبر فضح من نهبوا شعبه، والاستعانة بهيئات دولية لتحديد مصير الاموال المنهوبة، وان تُعلن اسماء من قام بتهريب اموال بطريقة غير مشروعة، وترفض التعامل معهم لفتح صفحة جديدة مبنية على الشفافية. واذا تمنّع عن ذلك وتعامل مع شخصيات عليها شبهة الفساد، ولكن لا احد يتجرأ على مواجهتها في الداخل، ولم يقم بمواجهتهم، يكون صندوق النقد يساهم في إغراق لبنان بديون اضافية وخراب البلد وحماية الفاسدين.

 

علينا ان نرفض أي ديون جديدة قبل الإطلاع على تقارير مصرف لبنان المدققة التي ذكرناها أعلاه، وكذلك إقرار الشفافية المطلقة، لكي لا يكون مصير الديون الجديدة مثل الديون القديمة. وإقرار قانون الشفافية سهل جداً، فهو موجود في المجلس النيابي كما ذكرنا، ولا يوجد عذر لعدم إقراره، ويتحمّل كل نائب لا يطالب بإقراره مسؤولية تجاه الشعب اللبناني.