يسأل البعض عن طريقة استثمار قوى محلية لعلاقاتها الخارجية، خصوصاً مع الدول الخليجية، لمساعدة لبنان في هذه الظروف، في وقتٍ تستخدم قوى السلطة النفط الإيراني، ومنه المازوت الذي استقدمه «حزب الله»، للدلالة الى منافع العلاقة مع إيران. في المقابل، تردّ قوى معارضة هذه النظرية الى «الحزب»، مشيرةً الى أنّ المازوت الإيراني، عدا عن أنّه استباح السيادة اللبنانية، لم يأتِ هبة من إيران بل اشتراه رجال أعمال شيعة بإعلان رسمي من الجهات الإيرانية، فضلاً عن أنّ باب التصدير أُقفل في وجه لبنان بسبب المخدرات التي تُهرّب من خلالها الى دول الخليج وتحديداً السعودية، والتي كشفت أخيراً على سبيل المثال، محاولة تهريب مخدرات من شبكة مرتبطة بـ»حزب الله» الى أراضيها، هذا إضافةً الى أنّ لبنان، والذي يُشكّل «الحزب» وحلفاؤه أكثرية السلطة فيه، يُستخدم منصةً وممراً لاستهداف هذه الدول.


 
في حين أنّ العلاقة بين السعودية ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري يسودها كثير من علامات الاستفهام، ويبدو أنّها منقطعة منذ سنوات، يتوجّه النظر الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع كحليف ثابت للسعودية. وانطلاقاً من ذلك، تُسأل «القوات» عن عملها لخرق الإنكفاء السعودي عن لبنان، ولو حتى بمبادرات ضيّقة وليس على مستوى الدولة، كاستيراد التفاح على سبيل المثال. هذا في وقتٍ يستثمر «حزب الله» المازوت الإيراني سياسياً وانتخابياً في مختلف المناطق، حتى لو كان يبيعه ويجني الأرباح من هذه العملية.


 

بالنسبة الى «القوات»، لا يُمكن مقارنة العلاقة الإيرانية مع لبنان بالعلاقة السعودية بالبلد، فـ«إيران لا تتعامل مع لبنان الدولة، إنما تتعامل مع «حزب الله» الذي هو جزء من الثورة الإيرانية، وذلك على حساب الدولة في لبنان. وهي لها مصلحة في دعم هذا الحزب، لكي يبقى لبنان ساحة مستباحة وموطئ قدم ونفوذ لها، وأن يبقى ساحة متقدّمة لدورها الإقليمي، والتي تطلّ من خلالها على النزاع العربي - الاسرائيلي كورقة إضافية، في سياق الدور الذي تسعى الى إرسائه على مستوى المنطقة. وبالتالي، إنّ المشكلة الأساس في هذا الدور الإيراني، الذي من خلال دعم «حزب الله»، تسليحاً وتنظيماً وتمويلاً، وعدم اكتراث إيران الى دور الدولة، أدّى ويؤدّي الى إبقاء الدولة مغيّبة في لبنان، وإبقاء لبنان ساحة لا وطن. بينما السعودية تاريخياً، في كلّ الأوقات والأزمات، كانت داعماً أساسياً للدولة في لبنان، وهدفها وجود دولة، وهذا ما يفسّر رعايتها لإنهاء الحرب اللبنانية، ودفعها الى مصالحة وطنية تُرجمت في وثيقة الوفاق الوطني في «اتفاق الطائف»، ثمّ دعمت الدولة في لبنان والمؤسسات، وكانت داعماً أساسياً على المستوى الإقتصادي والمالي في كلّ المراحل والأوقات، وذلك بعيداً من أي استغلال أو استخدام للدولة اللبنانية ومن اللا استقرار، فهي كانت تسعى دائماً الى الاستقرار اللبناني».

 

وبالتالي، بالنسبة الى «القوات» هناك هدفان متناقضان بين ما تسعى إليه إيران وبين ما تسعى إليه السعودية في لبنان. وتشير مصادرها، الى أنّ «عندما وجدت السعودية أنّ الدولة القائمة تُستخدم لاستهدافها وتحوّل لبنان ممراً لتصدير المخدرات الى أراضيها ومنصّةَ لإطلاق المواقف ضدّها وساحةَ لتدريب منظمات وميليشيات إقليمية تعتدي على الدول العربية وتنتهك سيادتها وتنعكس على الدور الإقليمي، وعندما وجدت لبنان لا يضع حداً لكلّ هذه الموبقات، رأت أنّ أي مساعدة من قبلها تتحوّل تلقائياً الى هذه المنظومة التي تستهدفها، وبالتالي كيف لدولة أن تساعد دولة أخرى على استهدافها؟ هذا فضلاً عن أنّ السعودية وضعت المليارات من الدولارات في لبنان، بينما إيران لم تدفع أي شيء على أي مستوى إلّا تسليح «حزب الله» ومساعدته».


 

وبعد أن قرّرت السعودية وقف استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية أو مرورها عبر أراضيها، بعدما كشفت عمليات تهريب مخدرات عدة إليها عبر هذه المنتجات، عُقد في 12 تموز الماضي، لقاء في معراب مع سفير السعودية لدى لبنان وليد بخاري، بعنوان: «لبنان - السعودية: إعادة تصدير الأمل»، جرى خلاله طرح آلية لإعادة التصدير. لكن حتى الآن لم تتظهّر أي نتائج لهذا المؤتمر. وتقول مصادر «القوات»: «حاولنا أن نعالج المسألة المتعلقة بالتصدير، وكانت «القوات» واضحة على هذا المستوى، بأنّها قدّمت خريطة طريق، لكن هذه الخريطة معنية بها المؤسسات، وذهبت في اتجاه طريقة ضبط هذا التصدير لكي لا يكون مفخخاً، لكن من خلال المؤسسات الرسمية والهيئات والقطاعات المعنية. فـ»القوات» حريصة على أن يكون كلّ شيء من خلال المؤسسات والدولة والقطاعات». وتشير الى أنّ «الموضوع قيد المتابعة، و«القوات» تحاول وتقوم بما يمكن أن تقوم به، لكن في نهاية المطاف، القرار لدى الدول الخليجية التي لديها مآخذ كبيرة وواسعة على لبنان، الأمر الذي يجب معالجته وتسويته، لأنّ دول الخليج تعتبر أنّ لبنان منصّةَ لاستهدافها من خلال المواقف السياسية والشبكات الأمنية والمخدرات.. ولا يمكن أن نلوم هذه الدول أو تلك لاتخاذها أي موقف من لبنان، في وقت لبنان تخلّى عن دولته وسيادته وأرضه وأفسح في المجال لقوى أمر واقع أن تهيمن وتسيطر عليه وتعزله وتضرب علاقاته مع الدول الخارجية». وتعتبر أنّ «الأهمية تكمن في أنّ «القوات» تسعى».

 

وتشدّد مصادر «القوات»، على أنّه «من غير المقبول بتاتاً وضع الدولتين الإيرانية والسعودية في الكفة نفسها، لأنّ المساعدة الإيرانية ليست للبنانيين بل لنفسها، لأنّها تريد إبقاء لبنان موطئ قدم لنفوذها، وهذا الموطئ أدّى الى عزلة لبنان وانهياره وضرب دوره وتشويهه، وما تقوم به ايران استمرار لعزلة لبنان وتشويه صورته وانتهاك السيادة، بينما السعودية تريد مساعدة الدولة في لبنان، وعندما يكون هناك دولة نستعيد علاقتنا بالسعودية. من هنا يأتي دور اللبنانيين الأساس في الانتخابات، لصنع التغيير وإنتاج سلطة سيادية تعيد لبنان الى حضنه العربي ودوره وتفك عزلته».