رأى رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ في حديث صحفي أننا "كنّا دولة على حافّة الّجحيم، تتآكلها أزمة خانقة في كلّ مفاصلها، وقَرّبتها من لحظة سقوط الهيكل بالكامل، ومن أن تجعلها دولة غير قابلة للحياة"، معبرا عن ثقته بحماسة رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ للعمل والإنجاز السريع، مثنيا على اصراره على ان يتصدّى لمهمّته الصعبة. واعتبر ان باب الإنجازات السريعة ليس مقفلا، بل هو مفتوح على مصراعية وليس ما يبرّر التأخر في ذلك تحت أي سبب او عنوان.

ولفت إلى ان "ميقاتي متحمس، ويجب الّا نغفل أنّ للرجل مروحة اتصالات خارجيّة قويّة ومهمّة يمكن استثمارها، والبناء عليها، لما يحقّق مصلحة لبنان. ونأمل ان يتحقّق خير من زيارته إلى باريس ومصلحة للبنان، إنما لا أريد أن استبق الأمور، بل فلننتظر إن كان الفول سيصير في المكيول". وشدد على ان "المهم ان يرى الناس نتائج سريعة على الارض، والحكومة وعدت بذلك، وليس امامها خيار سوى أن تنجح في ذلك".

وأضاف "لنكن واقعيين، الأزمة متشعّبة وكل تفصيل مرتبط فيها هو اولوية بحدّ ذاته تتوجّب مقاربته. ولكن، ولأن الوقت صار ضاغطاً، فأنا أرى أنّ امام الحكومة ثلاثة أشهر فقط، لتقدّم خلالها إنجازات، يعني إلى آخر السنة، لأن الفترة التي ستلي ذلك، سيدخل لبنان فيها مرحلة التحضير للانتخابات النيابية التي صارت على الأبواب، وكل الجهات والمكونات السياسية وكذلك الحكومة ومجلس النواب ستنهمِك في هذه الإنتخابات ولن يكون في مقدور احد ان يفعل شيئاً، أو يقوم بأيّ عمل لأنّ البلد سيكون خاضعا بكل حواسه السياسية والشعبية لمناخ الانتخابات". ورأى انه "يجب ان تعتمد الحكومة برنامجا عاجلا للاشهر الثلاثة المقبلة، والتي أسمّيها أشهر الإنجاز، لا يوسّع البيكار، بل تتناول فيه الحكومة مجموعة الملفات الاساسية والحيوية والتي تستطيع من خلالها ان تعطي اشارة اطمئنان للبنانيين".

وأورد بري في هذا السياق مجموعة ملفّات يرى ان تستعجل الحكومة في مقاربتها والبت بها خلال فترة الثلاثة أشهر التي حدّدها، وهي "اولا، موضوع الكهرباء، بحيث ان تبادر الحكومة الى وضع هذا القطاع كبند اوّل في جدول عملها، بحيث تسلك الطريق الذي تضع هذا القطاع على سكة الحلّ والمعالجة الذرية، والذي كان واجباً سلوكه منذ سنوات طويلة، اي المبادرة السريعة نحو التحضير الجدي لبناء معامل كهرباء جديدة. وتطمئن اللبنانيين فعلا بأنّه سيصبح لديهم كهرباء ولو بعد فترة. وانا اقترح للتعجيل في هذا الامر أن يستخدم مبلغ المليار و100 مليون دولار التي تلقاها لبنان مؤخرا في سبيل بناء معامل الكهرباء، علما ان الشركة الالمانية سيمنز سبق لها أن قدمت عرضا لبناء معملين للكهرباء بكلفة 700 مليون دولار، وبالتوازي مع هذا التحضير، تبادر الحكومة إلى العمل الدؤوب والفاعل لزيادة التغذية والتخفيف من ساعات التقنين ما أمكَن، والشروع فورا في حسم البند الإصلاحي المنتظر والمتمثل بتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء (وهو أحد شروط سيدر)، وكذلك تعيين مجلس ادارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان".

وأضاف "ثانياً، أن تُسارع الحكومة إلى العمل على تحقيق الاستقرار النقدي وضبط سعر الدولار ومنع تفلته والتلاعب فيه ووضع حد للسوق السوداء، ثالثا، مبادرة الحكومة سريعاً إلى انهاء المشهد المأساوي الذي يتجلى في وقف طوابير إذلال المواطنين أمام محطات المحروقات، وتوفير مادتي البنزين والمازوت، ورابعا، مبادرة الحكومة بعد ذلك الى تصحيح الأجور، بالشكل الذي يريح الموظفين ويعزّز القدرة الشرائية لرواتبهم التي تآكلت، وفي الوقت نفسه لا يرهق الخزينة".

وأكّد بري ان "تطبيق هذه البنود الأربعة من شأنه أن يحلّ جوانب اساسية من الأزمة، ويضعها فعلا على سكة الإنفراج"، مشددا على جهوزية المجلس النيابي لدعم الحكومة في كل مجال. وقال: "لقد قلت لرئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال لقائنا الثلاثي في بعبدا يوم صدور مراسيم تشكيل الحكومة ان المجلس النيابي حاضر لكي يكون مستنفرا 24 على 24 لمساعدة الحكومة ومواكبة عملها بكل ما تطلبه لتسهيل مهمّتها، وتمكينها من النجاح وتحقيق الانجازات المطلوبة منها. ولكن هناك من يطالب بإقرار قوانين، وهذا ما يجب ان يحصل... ولكن ما يجب ان يكون معلوما هو ان العمل الذي يقوم به مجلس النواب في إقرار القوانين، يجب أن تكون له تتمته من خلال تطبيق القوانين التي يقرها بخذافيرها من دون اي ابطاء، وليس ان يقر قوانين ثم تُعطَّل وتوضع في الادراج. هناك مجموعة كبيرة من القوانين معطلة، فلماذا تُعطّل، فلتوضع موضع التنفيذ فوراً، فكلها قوانين مرتبطة بعملية الاصلاح ومكافحة الفساد. وانا اكيد أنه لو وضعت موضع التنفيذ ستوفّر على الحكومة الكثير من الدعم في مهامها".

وعبّر بري في سياق متصل هنا، عن استياء واضح مما شاب قانون الشراء، وقال: "لقد اقرينا قانون الشراء الذي يعتبر من أهمّ القوانين، لكن المؤسف هو الطعن فيه، والذي تناول مادة اساسية فيه ترتبط بواحد انظف الموظفين (مدير المناقصات جان العليّة)".

وعن التحقيق الذي يجريه المحقق العدلي طارق البيطار، وما يواكبه من ادعاءات وتوقيفات والتباسات، فاعتبر بري ان "هذا المسار المعتمد لا يؤدي إلى تحقيق العدالة"، مؤكدا ان "موقفي لن يتبدل ولن يتغير بأنني لن اسمح بتجاوز مجلس النواب والمسّ بصلاحياته، وانا اقول انني لن اتخلى عن صلاحيات المجلس النيابي مهما كلف الامر وتحت اي ظرف كان هذا ما يجب ان يكون معلوما من الجميع".

وفي موضوع ترسيم الحدود، أكّد بري "أنّني أديتُ دوري وقسطي وقمت بواجبي وحددت الإطار، وابلغت رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بأن يقررا في شأن هذا الأمر ما يريانه مناسباً". وماذا عن التنقيب حول الغاز والنفط في البلوك رقم 9 ؟ استغرب بري الإصرار على التأجيل المريب لهذا التنقيب الى العام الى 2022.