كشف الحراكُ الشعبيّ المستمر منذ حوالي عامين، عن حيويةٍ صادقة وعزمٍ لا يلين في وجه التردي الفاضح لسلطةٍ فقدت مبررات وجودها، وبدت عاجزةً مشلولة، وغارقة في الفساد وسوء الأمانة والمسؤولية، إلا أنّ أفضل ما حقّقهُ هذا الحراك هو كشف الهُزال السياسي لجماعة ١٤ آذار، وكشف الفجور السياسي لجماعة ٨آذار، مما سمح لقطاعات واسعة من الشعب اللبناني أن تتبين فداحة تناوب الجماعتين على السلطة أو توافقهما، فقد تمت عملياتُ نهبٍ منظم في مختلف القطاعات، حتى وصل الوضع السياسي والمعيشي والاجتماعي والخدماتي درجةً من الاهتراء، لم تعد تُحتمل ،فجاء الحراك ليفضح هذا النظام المموه ببراقع الطائفية والمذهبية حيناً، والممانعة والمقاومة حيناً آخر، في حين يستشري الفساد، وتتدهور معيشةُ المواطنين، ويُذلّون يومياً أمام محطات الوقود وأبواب الصيدليات وشبابيك المصارف، ويتعرّض البلد لأسوأ موجة هجرة جماعية في تاريخه الحديث والمعاصر، إلاّ أنّ ما يُعوّل عليه من الآن وصاعداً، هو الإستعداد الجدّي، والذي سيكون شاقّاً ومحفوفاً بالمخاطر، لخوض الانتخابات المقبلة، والتي وحدها يمكن أن تُتيح للمواطنين الصابرين الخلاص من هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي تحكم هذا البلد المنكوب منذ أكثر من ربع قرنٍ من الزمن، أو بالحدّ الأدنى لجم تّحكّمها الفاضح في الشأن العام، وتقليص سيطرتها على المؤسسات الدستورية والإدارات الحكومية والمؤسسات الرسمية، والتّمهيد لخلق جيلٍ جديدٍ من السياسيين والمسؤولين الشرفاء، الذين يتحلّون بقدرٍ وافٍ من الحسّ الوطني لبناء دولة تمتلك سيادتها واستقلالها، وسلامة أراضيها وكرامة مواطنيها، وحقّهم الطبيعي في العيش بأمنٍ ورخاء ومساواة في الحقوق والواجبات.