ثبُت أن اتصال الرئيس الفرنسي بالرئيس الإيراني كان سبباً كافياً لولادة حكومة ميقاتي لأن الأسباب الأخرى غير مقنعة من خلال المحاصصة المتدنية ورضوخ الرئيس المكلف لأي شرط مهما صغر من جانب التيّار الوطني الذي صادر الحكومة بوزراء غبّ طلب لتوكيد إفلاس الحكومة " المقرنطة " وصحة التمثيل السياسي الجبراني القادر على إحياء الأموات كما أحيا وزراء موتى ينتسبون لعهود ما قبل الصناعة والى فترة الفحم الحجري .

 

 


يبدو أن الإختيارات الشيعية لوزراء متفرنسين والمكررة لأكثر من مرة من قبل حزب الله ليست وليدة الصدفة المجانية بقدر ما هي محاكاة مباشرة للدولة الأم وحكاك ناعم على جلدتها المسنة بغية التأكيد على ايجابية الدور الفرنسي في كل من إيران ولبنان وتمايزه عن الموقف الأميركي بشكل كبير وهذا ما يجعل العلاقات الإيرانية – الفرنسية في الخانة الجيدة وهذا ما يرضي حزب الله الذي لم يعد يتوجّس خيفة من الدور الفرنسي في لبنان بعد أن ثبًتت لديه حُسن النيّات الفرنسية وبعد تعاطي الرئيس ماكرون بواقعية جيدة مع الغلبة الحاصلة في لبنان والإعتراف بأحقية دور الحزب في السلطة لا كشريك بل كقابض عليها وهذا ما يسهل لفرنسا دورها اذ أنّها تتمتّع بعلاقة أكثر من طبيعية وجيدة مع الحزب الذي يمسك بدقة متناهية باللعبة الداخلية ويديرها بطريقة تسمح بإبقاء لبنان في عهدة الصيغة الطائفية التي تولّدت على يد القابلة الفرنسية ومن ثمّ تبنتها كل الدول وفرضت أنواعاً وأشكالاً متعددة لحمايتها من السقوط كما حصل في أكثر من أزمة وكما اتضح أثناء الحرب الأهلية وكما انكشف بشكل سافر مع المحاولات الشعبية الأخيرة والتي تمّ قمعها بقوّة النظام الطائفي الذي ترعاه هذه المرّة قوى داخلية لا دول خارجية .

 

 

إقرأ أيضا : الإسلاميون يتساقطون قُطراً وراء قُطر

 

 


ليس من قبيل الصدفة كما ذكرنا استفاقت الحكومة النائمة منذ أشهر في جرور قصر بعبدا ولا هي صدفة محض الإتيان بوزراء من الحصّة الشيعية خصوصاً يتقنون اللدغة الفرنسية المحببة للدولة العطوفة ففي هذا رمي ليس من غير رام  بل هو تجاوب وتعاون واضح مع فرنسا لتسهيل دورها ولتسهيل دوري الثنائي أيضاً بعد أن بلغت الأزمة مبلغها في ظل انعدام في الرؤية وعدم إجتراح أيّ حل لمقاومة إحتلال الدولاروالتراجع لصالح التماشي معه بما يخدم مصالح فئة على حساب فئات وهذا ما اتسع أيضاً ليشمل كل ماهو ضروري لإستمرار الحياة في ظل إنكفاء طوعي أو قسري لا همّ في ذلك ما دامت النتائج واحدة .
 


إن حاجة الرئيس ميقاتي للسلطة في مرحلة المحاسبة ضرورة بالنسبة له لذا التقطها بقوّة لحماية مصالحه وبالتالي لحفظ دوره في الإستحقاق القادم لأن من  في السلطة ليس كمن هو خارجها لذا كان مصافحاً ومسالماً وموادعاً ولا اعتراض على شيء مما اعترض عليه الرئيس الحريري فهو قبل بحكومة حفاضات وبجيل لا يتناسب مع شيخوخته ولا  مع تجربته وهذا ما يجعل المسافة بينهما مسافة غير مردومة بقدر ما هي مفتوحة على سقوط دائم خاصة وأنّ التصاريح الأولى لوزراء لم يصدقوا أنّهم "توزّرو" كانت صادمة وغير مسؤولة وتعكس طفولية جبرانية من شأنها أن تقضي على ما تبقى من أمل مفقود بين اللبنانيين .