أُعلن امس عن إطلاق العمل في البطاقة التمويلية التي طال انتظارها. لكن المفارقة، ان الاسئلة والملاحظات التي رُسمت حولها، كانت اكثر من الاجوبة التي وفّرتها عملية الاطلاق.


 

وفي قراءة تحليلية للآلية التي تم الاعلان عنها وطريقة الحصول على البطاقة، يمكن طرح التساؤلات التالية:

 

اولا- اذا كان عدد العائلات التي ستستفيد من البطاقة (25 دولاراً للفرد، مع سقف أقصى يبلغ 125 دولاراً للعائلة) هو 500 الف عائلة، كما أعلن، ماذا سيكون مصير نحو 500 أو 600 الف عائلة من الطبقة الوسطى سابقاً لن تحصل على البطاقة؟

 

ثانيا- ما هو المعيار الذي سيعتمد لاختيار العائلات، اذا تقدم للحصول عليها اكثر من هذا العدد بكثير؟

 

ثالثا- هل الجهاز الاداري في الوزارات المعنية قادر على القيام بمهمة تنفيذ الآلية المعتمدة، ومن ضمنها استقبال كل الراغبين في المساعدة لتقديم الطلبات عبر المنصة الالكترونية؟ والأدهى من ذلك هل ان الجهاز الاداري قادر على تنفيذ بند الزيارات الميدانية الى منازل كل عائلة يُقبل طلبها. أي القيام بـ500 الف زيارة في المنازل، وفي كل المناطق اللبنانية؟

 

رابعا- هل تدرك الوزارات المعنية التي اشترطت ضمن الوثائق المطلوب تقديمها للحصول على البطاقة، الرقم الضريبي، ان عددا كبيرا من المواطنين لا يملكون أي رقم ضريبي؟ وهل يعتقد هؤلاء انهم في سويسرا لكي يوردوا هذا البند ضمن الشروط؟


 

خامسا- طالما ان احد الشروط ينص على امتلاك المواطن بطاقة هوية، هل تأكدت الوزارات التي وضعت هذه الآلية ان بطاقات الهوية متوافرة؟ وهل يمكن استيعاب تهافت المواطنين على استخراج بطاقات هوية، في ظل فقدان القرطاسية في الدوائر الرسمية، وفي ظل العمل الجزئي للموظفين الذين يداومون ليوم أو يومين على الاكثر في المكاتب؟

 

سادسا- من سيغطي الفترة الزمنية الفاصلة بين رفع الدعم الذي بدأ اليوم، وبين بدء الدفع الذي قد لا يبدأ، وفي أحسن الحالات، قبل بداية العام المقبل؟

 

سابعا- هل يجوز الاعلان عن اطلاق بطاقة، ليس واضحا تماما كيف ستموّل، وبأية عملة، الدولار او الليرة؟

 

ثامنا- مسألة الشفافية لا تنفيها التطمينات الكلامية من خلال القول ان النظام مُمكنَن، وان لا علاقة لليد البشرية فيه. هذا الكلام يشبه القول ان نظام «نجم» في المرفأ ممكنن هو الآخر، ويعمل ذاتياً وفق مبدأ الاختيار العشوائي (random)، ليتبين بعد الفضيحة الأخيرة ان يد الفساد تتفوق على المكننة، وتتدخل حيث تشاء. وبالتالي، لا ضمانات حقيقية في مناخ الفساد ان البطاقة التمويلية لن تتحول الى بطاقة انتخابية تفوح منها رائحة الرشاوى.

 

كل هذه الاسئلة تجعل من مشروع التشكيك المسبق بأن تكون البطاقة التي أُعلن عن اطلاقها امس مجرد قنبلة صوتية، قد تضر أكثر مما تنفع.