قالها بالأمس الصحافي المخضرم جوزف أبو فاضل، وهو أحد العونيّين الأقحاح حتى الأمس القريب، قالها بالفم الملآن بصراحته وعفويّته: الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل لا يريدان حكومة جديدة بدون ثلث مُعطّل لصالحهما أولاً، وبدون أغلبية وزارية ثانياً، تُتيح لهما اتّخاذ قرارات حكومية سريعة بإقالة ما تبقّى من أركان الدولة اللبنانية المتهالكة: قائد الجيش العماد جوزف عون وحاكم مصرف لبنان المركزي السيد رياض سلامة، ورئيس مجلس القضاء الأعلى والمدعي العام التمييزي، ورئيس دائرة المناقصات جورج عليّة، عندها لا يبقى في الميدان إلاً حديدان، حزب الله، وليُّ أمر المسلمين وأهل الذّمة العونيّين وأتباعهم، وهكذا يمكن إجراء انتخابات نيابية مُزوّرة سلفاً، وانتخاب صهر الرئيس عون الوزير جبران باسيل رئيساً للجمهورية، قائماً بأعمال الجمهورية الإسلامية الإيرانية في "إمارة" لبنان الصغير، بعد صلاة الميّت على لبنان الكبير، وبعد أن يكون البلد قد فقدَ ميزاته الثقافية والتعددية والحضارية، بهجرة المسيحيين عن بكرة أبيهم، ويتبعهم المسلمون القادرون على مغادرة "جهنم الحمرا" التي أوداهم بها الرئيس القوي وحزب القوّة الفائضة، وحتى الدعاء والإبتهال لله تعالى الذي يلوذ به الرئيس نبيه بري لن يجدي نفعاً، ولن يُغني فتيلاً، فلو كان فيه الشفاء لأعاد لأهل الشيعة المفجوعين الإمام موسى الصدر الغائب منذ أكثر من أربعين عاماً، لكن هنيئاً لمن غادر هذا البلد المنكوب قبل معاينة مآسيه المُروّعة هذه الأيام الحالكة السواد.

 

اقرأ أيضا : مفارقات بشير الجميّل وميشال عون..

 

 


عن الأصمعي قال: عُرضت السجون بعد هلاك الحجاج بن يوسف الثقفي، فوجدوا فيها ثلاثة وثلاثين ألفاً، لم يجب على واحدٍ منهم قتلٌ ولا صَلْب، وفيهم أعرابيٌّ أُخذ وهو يبول في أصل سور مدينة واسط، فكان فيمن أُطلِق، فأنشأ يقول:

اذا ما خرجنا من مدينة واسطٍ

خَرِينا وبُلنا لا نخاف عِقابا.