في اللقاء الرسمي السوري اللبناني الذي عُقد قبل يومين في سوريا، بين وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ومُعاونيه، والوفد اللبناني الذي ترأّستْهُ نائبة رئيس الوزراء، وزيرة الدفاع، وزيرة الخارجية بالوكالة السيدة زينة عكر (الإسم كبير والمزرعة خربانة)، وارتضت أن تجلس تحت العلم السوري، وزميلها المقداد يُظلِّلُه العلم السوري أيضاً.

 


هذه الوزيرة الفذّة اختارها جبران باسيل كي تكون دميةً بين يديه، وتبيّن أنّها لا تمتلك الخبرة والثقافة والدراية والحصافة، لتعتذر وترفض الجلوس تحت علمٍ أجنبيٍّ في اجتماعٍ رسمي، وما أثار الإستغراب والإشمئزاز وجود علمين للشقيقة سوريا بدل العلَم الواحد.

 


وهذا يُذكّر بما حفظه لنا تاريخ الإسلام المُبكّر، عندما قامت ثائرة "أهل الأيام والقادسية" على والي العراق سعيد بن العاص، وذلك في خلافة عثمان بن عفان، لتصريحه في أحد مجالسه، "إنّما هذا السواد بستانٌ لقريش"، والسواد مع الصوافي هي الأراضي العراقية الشاسعة الخضراء، الوافرة والخصبة والغنيّة،( سُمّيت بالسواد لأنّ الغابات الخضراء تظهر سوداء من بعيد)، وكان أهل الأيام والقادسية( الذين تمّت عمليات فتح هذه البلاد على أيديهم، يميلون للإعتقاد بأنّهم ملاكين لها أكثر ممّا هم وكلاء ساهرين عليها، وما أثار حفيظتهم تصريح الوالي بأنّ سواد العراق والصوافي هو بستانُ لقريش، وهذا ما دفعهم بعد ذلك للخروج على الخليفة عثمان بن عفان، وطرد الوالي سعيد بن العاص وانتخاب أبو موسى الأشعري مكانه.

 

 

اقرأ أيضا : ثلاثة اعتذارات مطلوبة ومُلحّة وعاجلة.

 

 


يبدو أنّ حكام سوريا(آل الأسد واعوانهم) ما زالوا يعتبرون أنّ سواد لبنان بستانٌ لهم، لذا لا موجب لرفع العلم اللبناني في اجتماعٍ لا يعدو كونه مناسبة للإستعلاء واحتقار المسؤولين السياسيين اللبنانيين، الذين ذهبوا بعد لأيٍ صاغرين مخذولين، علّهم ينجحون في تخفيف مصائب المواطنين الصابرين الغافلين، بعد أن كانوا سبب الإنهيار الشامل.

 


في المحصلة، علمٌ مرفوعٌ، أو علمٌ مُنكّس، لن يُجدي في الأمر فتيلا، قال عوانة: استعمل معاوية بن أبي سفيان رجُلاً من كلْب، قذُكرَ يوماً المجوس وعنده الناس، فقال: لعن الله المجوس، ينكِحون أُمّهاتهم، والله لو أُعطِيتُ مائة ألف درهم، ما نكحتُ أمّي، فبلغ ذلك معاوية،  فقال: قاتله الله، أترونه لو زادوه على مائة ألف، فعل! وعزله.