لبنان المتجه باتّجاه الفوضى الشاملة، ومؤشرات الانزلاق إلى فوضى كبيرة تلوح في الفضاء اللبناني توحي أنّ لبنان أوشك على الانهيار ولربما هناك سيناريوهات سلبية قد تكون حاجة لإعادة خلط الأوراق، حيث لبنان فاقد الحول والقوة ومقيّد اليدين ورهينة الواقع الاقليمي ، ومن المؤسف أن التعاطي الدولي مع لبنان لم يتغيّر ويعيد اللبنانيّين بالذّاكرة إلى أيّام الحرب في سبعينات القرن الماضي ولا تزال مستمرّة إلى اليوم، ومن المؤسف أنّ التوجه للاستيلاء على لبنان بكثير من التمعن لم يدفع العرب للتفكير في أهميّة لبنان وأنّه كان حجر الزاوية في المخطط الإيراني للتغلغل في المنطقة.

 


سفن المحروقات الإيرانية لن تحل الأزمة في لبنان وما هي إلا خطوة رمزية سياسية يعلن فيها حزب الله أنه هو صاحب السلطة والقرار في لبنان. 

 

 

وهذه الخطوة موجهة للأميركيين والإسرائيليين والقوى الغربية عامة والأميركيون يغضون الطرف عنها مع إطلاقهم بعض الدخان الكثيف للتغطية كما تعودنا.

 


كل ذلك يعيدنا إلى الوضع الداخلي بالنظر إلى أن الكثيرين يعتبرون أن المشكلة الحكومية مرتبطة بخلافات داخلية. صحيح أن الاستعصاء الحكومي يمارَس على المستوى الداخلي، إنما هذا الاستعصاء ليس وراءه رئيس الجمهورية ميشال عون أو الوزير جبران باسيل أو المستشارون حول رئيس الجمهورية، المشكلة أبعد من ذلك كما كتبنا مراراً ولبها أن الغطاء الرئيس لكل ما يجري هو حزب الله وإمساكه بالقرار بفعل سطوة سلاحه. لذلك سبب الاستعصاء هو الخارج كون حزب الله ذراعاً مسلحة لإيران في لبنان غايتها ربطه بسياستها الإقليمية وجعله يدور في فلكها عبر تغيير شكل النظام وبنيته، وإعادة توزيع القوى داخله بما يخدم مصالحها.

 

 

ولا تخفي أوساط معارضة، قلقها من مسار الأوضاع، منبهة من وجود مخطط لبقاء الأمور على ما هي بدليل عدم استعداد العهد لتقديم أي تنازل، للإسراع بولادة الحكومة، مشددة على أن حزب الله، حليف العهد يعمل على إدخال لبنان في صراع المحاور، ودفعه إلى مواجهة واسعة النطاق مع المجتمع الدولي، في ظل إصراره على استيراد النفط الإيراني، وما يمكن أن يتركه من تداعيات على لبنان بأسره، ولافتة إلى أن استمرار عرقلة تأليف الحكومة، يدخل في إطار سياسة حزب الله الهادفة إلى إبقاء لبنان ساحة تفاوض بين الإيرانيين والأميركيين، دون الأخذ بمصالح الشعب اللبناني الذي يواجه مصيره بنفسه. وأضافت : ؛كل المعطيات تشير، إلى أن الحزب ماض في سياسة إغراق لبنان بالأزمات والمشكلات على أنواعها، حتى يتمكن من الوضع اليد على كل ما تبقى في هذا البلد . 

 

 

إقرأ أيضا : لبنان ورقة على طاولة التفاوض الاميركي الايراني

 


يخوض الرئيس ميشال عون، ومعه جبران باسيل، آخر معارك العهد، على طريقة الحياة أو الموت فيحاذر هذا الفريق تقديم أيّ تنازل، ولو ادّعى العكس. وعلى الرغم من أنّه يعتمد أسلوب المراوغة في تقديم الأسماء وخلط أوراقها، إلا أنّه في المحصّلة يسعى إلى تجميع ثلث معطِّل في الحكومة، هذه آخر أوراق العهد فإمّا أن ينجح فيها، وإمّا فلتكن الفوضى، علّها تحمل معها نفضة سياسية شاملة تغيِّر كلّ الواقع.

 


أن يكون التفكك في وظائف الدولة سابقاً على تولّي الحزب والعهد الحكم لكن ذلك لا يخفّف أبداً من مسؤوليّتهما الواضحة عن مفاقمة الانهيار الحالي، لأنّهما وعوض أن يدفعا باتجاه التخفيف من حدّة الأزمة من خلال تسهيل ولادة حكومة والبدء بمفاوضة صندوق النقد الدولي، فإنّهما فاقماها، سواء بتعطيل الحكومة لمدّة عام كامل أو باتّخاذ قرارات أحاديّة كاستقدام الناقلات الإيرانية، وهي قرارات لا تحلّ الأزمة، وإنّما تعقّدها أكثر وتفتحها أكثر على الصراعات الدولية والإقليمية في المنطقة.

 

 

يدرك ميقاتي هذه المعادلة، لكنّه لا يستطيع أن يفعل شيئاً، لأنّ أيّاً من شركائه، سواء كانوا محليين أو دوليين لا يسمح بتجيير هذا الثلث لجبران باسيل. ومع ذلك الاعتذار مؤجل. لأنّ الاعتذار سيكون باباً مشرّعاً أمام فوضى لا يريدها أحد.

 


الرئيس عون ليس المشكلة الأساسية في بلدنا، بل تفصيل صغير في المشهد الواسع. هو ليس سوى لاعب صغير لاهث وراء كسب صغير وسريع، في مشروع كبير يقف على رأسه متعهّد محلّيّ محنّك هدفه تغيير وجه لبنان وإلحاقه بإمبراطورية الوليّ الفقيه.

 

 

وإذا كان لبنان محكوماً باستمرار الصراع السياسي القائم، سواء شُكِّلت حكومة أو لا، فإنّه يجدر بالمعارضة أن تعيد ضبط هذا الصراع من خلال القول إنّ الأولوية السياسيّة اللبنانية راهناً هي الدفاع عن فكرة الدولة التي يمعن الحزب والعهد في إسقاطها. فلا المؤتمر الدولي ولا أيّ دعم خارجي يمكنه أن يخرج لبنان من مأزقه إن لم تتكوّن إرادة سياسيّة وطنية تقف في وجه السعي الدؤوب للائتلاف الحاكم إلى إسقاط الدولة.