أثبتت التجربة أن الدين لا يستقيم معه المتدينون مهما بالغوا في التزامهم وحفروا في جباههم من آثر للسجود ومهما أضاؤوا من شموع وذرفوا من دموع فكلها عادات وتقاليد إن أسأنا الظن بهم ، وإن إحسنا، فهي عدّة الشغل لأنّه من المستحيل أن يكون المتدين من عبدة المال أو أن يكون متخماً وجاره جائع أو أن يكون صاحب مال وافير وعلي عليه السلام يقول : ما جُمع مال إلاّ من شُح أو من حرام  ..

 


على ضوء التجربة أيضاً المسيح لم يكن غنياً وكان أعداؤه من جماعات الذهب والفضّة لذا تفضح المسيحية كل من تديّن والتمس مسوحها وهو مكرش ومتخم بالعملة السهلة أو الصعبة كما أن الإسلام يكشف زيف الملتحي والمتختم والمتورم من تربة الحسين عليه السلام وهو متورم من نعمة الجاه لأن النبي مات فقيراً وعاش علي  على رغيفين من شعير ..

 


كما أن النصوص والمرويات أكّدت على زهد العباد لا على الترف المذموم ورفضت الحياة الدنيا لصالح آخرة تعمّر بالإنفاق لا بالإحتكار وثمّة إشكالية دينية حول شُبهة المال فكيف الحال والشُبهة تطال المتدينين الذين أمسوا فوق ريح الرشيد من خلال تجارات تبيّن أنّها رائجة في أسواق الحرام ..

 


ما يُكشف عنه يومياً من تخزين متعدّد من قبل المتدينين خاصة في ظل أزمة اقتصادية هستيرية تحتاج الى من يساعد على التخفيف من جنونها لا على من يُزيد من هوج عواصفها يؤكد فشل الواعظين الدينين في وعظهم وفي مهمّة التبليغ التي يتقاضون عليها رواتب كيّ يستقيم المتدينون على قيم تساعدهم على عدم دخول في الحرام وأكل السُحت ..

 

 

إقرأ أيضا : موسى الصدر أجمل من يوسُف

 

 


تبيّن للقاصي والداني أن المؤسسة الدينية هي المسؤولة عن كثير من أعمال المحتالين و المحتكرين بل أنهم يفتون للمحتكر الديني بصوابية احتكاره من خلال حمايته  بعد كشفه متستراُ بسلع محتكرة طمعاً في المزيد من الثروات لإعمار دنياه بدلاً من آخرته فتبيّن أن المتدين أحرص الناس على حياة تتكدّس فيها الأموال بحيث تترحم على الخليفة هارون صاحب أكياس من الذهاب أمام هؤلاء الحيتان من جماعات العفّة و أتباع الزهد في الحلال ..

 


في السياسة يتم غسل الأموال و أصحابها بماء الكُر أو بالبخور فلا ضير في ذلك فلا من يحاجج عن الأحزاب كدُور عبادة طالما أنّها تشتهر بالنفاق والخداع وعدم الأمانة وفعل أيّ شيء بغية الوصول لأىّ شيء وهذا ديدن المكيافيليين من اليسار الى اليمين وقد سبق الإسلاميون صاحب كتاب الأمير بسنيين عندما قالوا أن الضرورات تبيح المحظورات .

 


لكن أن يهتم رجال لحى الطوائف بتعفيف الفاسق وتبرير المحتكر طمعاً في غدوة هنا وخدمة هناك وتحت ذرائع واهية حفظاً لهوية المحتكرين من المازوت الى الدواء فهذا ما يضع أكثر من علامة استفهام على هؤلاء المحتكرين أيضاً للدين وهذا ما يجعل من إئمة المحتكرين أمّة واحدة وهي تدافع عن بعضها البعض لزوم حفظ المصالح المشتركة التي جعلت منهم شهداء زور ورموز فساد تجاوزوا في ذلك فساد السادة السياسيين وجماعات الحكومات المتعاقبة .