كان علينا أن ننتظر من خمس إلى ستّ سنوات حتى يؤتي الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل أُكُله، ونجني ثماره، فما بين العامين ٢٠١٤ و٢٠١٥ دارت حوارات متواصلة بين التيار والحزب، وكان الهدف الرئيسي منها (كما كانوا يُخبروننا صُبح مساء) تخفيف الإحتقان المذهبي بين السُّنة والشيعة، وعدم الدخول في صدامٍ دمويٍّ بين الطائفتين(الكريمتين طبعاً)، وما لبث أن توقّف الحوار كما بدأ عقيماً وبلا جدوى، بعد أن تكشّفت أضاليل الإدعاء بوجود احتقانٍ مخفي، إذن بعد ست سنوات تجلّت بالأمس الوحدة المذهبية بين السّنة والشيعة في أحلى صُورها وأبهاها، فطلع على اللبنانيين الصابرين نهاراً "المُعمّم" السّني الأول ليدافع عن الدكتور حسان دياب، الذي ارتضى منذ عامين أن يكون الدُّمية السّنيّة بين يدي الحلف الثلاثي الجهنمي: الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر،(نقول جهنمي لأنّه قاد لبنان بالفعل بعد القول إلى جهنم وبئس المصير)، وكان الرئيس حسان دياب هو المُنفّذ الفعلي بواسطة حكومته الهجينة العاجزة والفاجرة، ووزرائها المخصيّين، يُدافع المفتي دريان عن حسان دياب كي لا يُضام أو يُهان موقع رئاسة الحكومة، وكأنّ موقع رئاسة الحكومة في حصنٍ حصين، فهو يتلقّى يوميّاً الإهانة تلو الأخرى بلا وليٍّ ولا نصير يا سماحة المفتي العام، ولعلمك، أو كما تعلم، حسان دياب علم بأمر النيترات في مرفأ بيروت وخطورتها، وقرّر الذهاب إلى المرفأ في اليوم التالي، وقبل الإنفجار بحوالي أسبوعين، وذلك للإطّلاع على حقيقة الأمر بنفسه، حتى جاء الأمر النافذ قبل ساعاتٍ معدوداتٍ، يأمُرهُ بعدم الذهاب إلى المرفأ ( ولا نعلم من أمَره، وما إذا كان قد هٌدّد بتكسير رجليه لو فعل)، لذا كان لا بُدّ من الإدعاء عليه بِتُهمٍ عِدّة يا سماحة المفتي، وعليه أن يدحضها أو يتقبّل نتائجها الوخيمة، ويبقى مقام رئاسة الحكومة مُصاناً مُعافى.

 

اقرأ أيضا : معالي رئيس التيار الوطني الحر..

 

 


ما علينا، تجلّى التضامن السّني-الشيعي عشيّة الأمس بهجوم "المُعمّم" الشيعي الأول السيد حسن نصر الله على المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، بتوجيه تُهمٍ شنيعة له، في مقدمها تسييس التحقيق، واعتماد الإستنسابية والإنحياز وتضييع العدالة ( الحمد لله لم يتّهمه بالفجور والرشوة)، ولم يجد سماحة السيد دليلاً كافياً على سوء إجراءات التحقيق وانحياز القاضي وخطله، سوى ادّعائه على حسان دياب، ودياب كما وصفه نصرالله بالأمس "مُستضعف" في طائفته وعشيرته وأهل بيته، شأنه في ذلك شأن "المُستضعفين" الشيعة الذين يحمل لواء الدفاع عنهم السيد نصرالله وحزبُه، وهكذا تلقّى القضاء العدلي في أخطر جريمة مُروّعة وقعت على اللبنانيين في الرابع من شهر آب عام ٢٠٢٠ إهانة مزدوجة تجلّت في روح التضامن السنّي الشيعي بالهجوم على المحقق العدلي والدفاع عن حسان دياب وموقع رئاسة الحكومة، وهي في حقيقة الأمر لا تعدو كونها محاولات جادّة لعرقلة التّحقيق وتضليله، وحماية المجرمين الذين تسبّبوا بكارثة التفجير وعدم سوقهم إلى وراء قضبان السجون.