كتبت ميسم رزق في" الاخبار": لا يتوقّف المُحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ طارق بيطار عند حاجِز سياسي. كُلّما وجدَ «المُدعى عليهم» طريقاً للدفاع عن وجهة نظرهم وتثبيتها، أتاهم القاضي من ناحية أخرى. بعدما رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب حضور جلسة الاستدعاء التي كانت مقررة أمس، بتهمة «الإهمال والتقصير والتسبب بقتل مئات الأشخاص»، باغته بيطار بمذكرة إحضار في رسالة «لمن يعنيهم الأمر» أنه سيُكمِل المسار الذي بدأه. وقد حدّد بيطار تاريخ 20 أيلول المُقبِل موعداً لجلسة استجواب جديدة، على أن تتولّى النيابة العامة التمييزية تنفيذ المذكرة. في الشكل، «هذا هو الإجراء السليم الذي يتخذه قاضٍ في حق أي شخص يرفض حضور الجلسة ولا يحضر من ذاتِه، فيلجأ إلى دعوى إحضار ويرسل إليه من يأتي به حيث يُحتجز لمدة قبل 48 ساعة من موعد الجلسة الجديدة» بحسب مصادر قضائية

 


لا شكّ أن خطوة البيطار سيكون لها تداعيات في السياسة، وخاصة أن مطّلعين على جوّ الاتصالات المتعلّقة بهذا الملف، يؤكدون أن «هناك جهات سياسية تدرس أيضاً الموقف وهي تنسّق مع دياب لتحديد الأطر القانونية التي يُمكن أن يسلكها»، إذ إن «الخطوة التي سيتخذها البيطار لاحقاً ربما تكون إصدار مذكرة توقيف غيابية بحق دياب». عدا عن أنّ «ما تضمّنه بيان نادي رؤساء الحكومات، الذي يضم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، صوّب بشكل مباشر على الرئيس عون مطالبين بملاحقته»، متسائلة «ما إذا كان هذا الأمر سيؤثّر على المداولات الحكومية التي تعرّضت أصلاً يوم أمس لاهتزازات».

 

وغير ذلك، فقد علمت ««الأخبار» أن البيطار أيضاً ينتظر تأليف الحكومة في أسرع وقت لأنه حينها «لن يعود مجلس النواب في حالة انعقاد، فسيصبح بإمكانه اتخاذ إجراءات في حق الوزراء السابقين، وهم نواب حاليون، الذين يدّعي عليهم»، إذ هو مكبّل حالياً بالمادة 40 من الدستور التي تنصّ على أنه «لا يجوز أثناء دور الانعقاد اتخاذ إجراءات جزائية نحوَ أي عضو من أعضاء المجلس أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً إلا بإذن المجلس»، ولذلك فإنه فور تأليف حكومة جديدة «سيصدر قرارات جديدة في حقهم».

 


خطوة البيطار، رغم أنها تصب في خانة إسقاط الحصانات التي تعرقل عمل العدالة في لبنان، إلا أنها لا تزال مشوبة بعيب الاستنسابية وتجاهل مسؤولية أفراد آخرين من سياسيين وأمنيين وقضاة، معتمداً معياراً غير واضح، أقلّه في العلن. وهو بذلك يمنح «خصومه» ذريعة لتسييس الملف في بلاد «الحصانات» الطائفية والسياسية، ما يعني فتح صفحة جديدة من العراقيل التي تمنع الوصول الى الحقيقة والمحاسبة الحقيقية والجدية. سيكسب البيطار تعاطفاً إضافياً من أهالي الضحايا، وتضامناً من قبل الذين يعتبرون أنه «يخوض حرباً ضد السلطة»، فيزيد ذلك الى رصيده، لكنه في الإطار العام ينضمّ الى حلقة السلطة كشريك في عرقلة التحقيق وتضييع الملف في زواريب المزايدة