أكثر ما يشدّ انتباهك حديث الإسلاميين عن كثرتهم ، و الإسلاميون ليسوا غثاء السيل بل من مصاف النبع أي انهم من أوراق شجرات الحزب الأولى ومن قادة العمل الإسلامي الذين يتباهون بنجاح وعظهم في دفع الناس الى العبادة والتزيّن بزينة الإسلام من اللحية والحجاب الى حشمة الرجل وطلاء المرأة سواء على الطريقة الطاليبية أو الداعشية أو كما جاء في كتب الفقة الأربعة وما أضيف عليها من كتب أخرى اعترف بها إئمة الجماعة لضرورة في وحدة هشّة .

 


لا تخلو خطبة عادية أو ثورية من شكر الله على دخول المسلمين في الإسلام وتشكر أحزاب الإسلام السياسي و الجهادي المولى عزّ وجل على تلبية دعوتهم بكثرة مناصرة استحوذت على ألباب الغرب فتساءلوا عن سرّ الظاهرة الإسلامية بثوبها الأفغاني أو الأعجمي و الأعربي وعن دوافع الأسلمة الطوعية لأوروبيين وأميركيين مشبعين بنعمة الحياة .

 


بعد قلّة حيلة وصفر ناصر لقريب أو بعيد جاءت الوفرة والكثرة كموجة هادرة بحيث بلغ سيل المجاهدين زُبى الأمّة دون أن يكون هناك من منافس ينافس التيّارات الإسلامية فانعدمت كل أطروحات العلمنة والقومية وانحسرت سلطة الشوارع بأيادي الإسلاميين في مقابل سلطة المؤسسات العسكرية داخل الدولة وكان التباين بينهما على أشدّه بعيد الربيع العربي واستطاعت المؤسسة العسكرية من استعادت السلطة المسلوبة منها في كل من مصر وتونس في حين تراجع الجيش أمام المقاومة الأفغانية من نظام نجيب الله الشيوعي الى نظام أشرف غني الأميركي حيث استعاد الإسلاميون السلطة مرةّ ثانية من يدّ الجيش .

 

 

إقرأ أيضا : رواه البخاري

 


عودة على بدء كي نبقى عند مقولة الأكثرية التي يعتز بها الإسلاميون اليوم ويعتبرونها منّة من الله وهبة كاشفة عن تقبل أعمالهم في الجهاد و الشهادة رغم أنّهم قبل بلوغ الحلم وفي زمن قلّة الحيلة والمؤنة كانوا ينددون بالكثرة ويعتزون بالقلّة كمدح ومديح قرآني لهم لأن الله في كتابه العزيز قد نال من الكثرة كونها كارهة للحق وذمّها ونفى عنها أي إمكانية كي تكون مؤمنة لأن الإيمان لا تحمله إلاّ القلة القليلة والممتحنة من الله وهذا ما أكده أكثر من خبر متواتر منحاز للقلة ومبتعد عن الكثرة .

 


حتى ظاهرة النفاق لم تولد زمن القلّة أيّ انها وليدة فترة زمنية انتشرت فيها دعوة النبي بكثافة وبعيد تسليم العرب بالإسلام ودخولهم باب الفتح أفواجاّ وبعد أن باتت المدينة عاصمة دولة النبي فظهر النفاق فيها بقيادة عبدالله بن أُبيّ بن سلول زعيم الخزرج ولشدّة دورهم في النفاق خصّص لهم القرآن الكريم سورة المنافقين .

 


اذن النفاق ولد داخل الكثرة ولشدة تلبسه تلبس الصحابة جاء الوحي كي يكشف سترهم وحيلهم وهذا ما نظّف القلّة من الكثرة بعد أن واجه النبي ظواهر النفاق بقسوة واختار القلّة كي تكون مؤتمنة على الرسالة وهذا ما حفظ التجربة النبوية بعد أن ضمّت اليها كل طامح وطامع .

 


يطنب البعض لظاهرة الممانعة والمقاومة  في لبنان من حيث كثرتها دون أن يدرك نفاق من هم أكثر نفاقاً من زعيم الخزرج وهذا ما يكشفه الوحي الجديد لمحتكري مادتي البنزين والمازوت والدواء والطحين وسلع لا حصر لها وخاصة تلك المتعلقة بالمواد الأساسية للمواطنين من قبل حجاج يتباهون بعدد حجتهم ويتبارون في لبس السواد وتثخين الجبين وتعفير اللحى بتراب الأولياء وهذه عيّنة من نفاق متعدّد الحضور في السياسة والإقتصاد و الإعلام ووسائط أخرى وهذه من بركات الكثرة التي تتيح للمنافقين وصولهم وبسهولة لأن الولاء الأعمى يخبىء إنتهازية عالية لا يراها إلا من كان بصره من حديد .