كتب ايلي الفرزلي في "الاخبار": قضت التسوية بأن يؤجّل رفع الدعم عن المحروقات حتى نهاية أيلول. وإلى ذلك الحين، تقرر التسعير على أساس سعر 8000 ليرة للدولار. القرار، بالرغم من أنه وُضع في خانة حماية الفئات الشعبية من التداعيات القاسية لرفع الدعم، إلا أنه سيخلق موجة جديدة من التضخم، من دون أن يؤدي إلى انتهاء أزمة المحروقات. فالأزمة باقية طالما أن السعر سيرتفع مجدداً، وطالما أن مصرف لبنان ليس مستعداً لتأمين حاجة السوق

 


الحل المؤقت الذي تم التوصل إليه سيؤدي إلى تأخير رفع الدعم حتى نهاية أيلول، فيما لن يكفي المبلغ المتفق عليه لأكثر من استيراد عشر شحنات (معدل سعر الشحنة 20 مليون دولار) يفترض أن تفتح اعتماداتها خلال خمسة أسابيع، أي بمعدل باخرتين أسبوعياً. وبالرغم من أن المُعلن أن مطلب تأخير رفع الدعم بالكامل مرتبط بالسعي إلى إطلاق عمل البطاقة التمويلية قبل ذلك، إلا أنه كان لافتاً أن القرار الذي صدر لم يربط بين رفع الدعم وإنجاز البطاقة. وقد علمت ««الأخبار» أن سلامة رفض هذا الربط في الاجتماع، تحسباً لتأخير إطلاق البطاقة.

 

 

بالنتيجة، صدر القرار، فهل هذا يكفي لإنهاء طوابير البنزين وإنهاء تقنين المولدات؟ والأهم، هل يمكن للحكومة أن تنجز البطاقة قبل رفع الدعم هذه المرة، أم أن الأزمة الحالية ستتجدد نهاية أيلول؟ الأكيد أن الأزمة لن تحل، فطالما أن المستهلك أو التاجر يدرك أن السعر سيعود إلى الارتفاع مجدداً، وطالما أن مصرف لبنان لن يفتح الاعتمادات بحسب حاجة السوق، فإن الطلب سيبقى مرتفعاً، ما يعني عملياً بقاء الطوابير على حالها، كما ستبقى عمليات التخزين مستمرة، علماً بأن لا أحد يضمن أن يستمر الدعم حتى نهاية أيلول، فالتجربة تشير إلى أن قرار الدعم على سعر 3900 ليرة للدولار كان يفترض أن يستمر حتى نهاية أيلول، لكن مصرف لبنان ارتأى توقيف فتح الاعتمادات بحجة نفاد الدولارات لديه. وهو ما يمكن أن يتكرر مجدداً. لكن مصادر مطلعة، تعتبر أن المصرف هذه المرة سيحصل على الدولارات من السوق، وبالتالي لن يكون هنالك إشكالية تتعلق بالوصول إلى حدود الاحتياطي الإلزامي. لكن إذا كان المصرف قد راهن على سحب الليرات من السوق في حال فتح الاعتمادات على سعر «صيرفة»، بما يؤدي، بحسب مصادره، إلى تخفيف الطلب على الدولار، وبالتالي تخفيض سعره، فإن الإجراء الأخير سيؤدي إلى سحب نصف الكمية التي كانت متوقعة، طالما أن النصف الآخر سيسجل على الورق ديوناً على الدولة. وقد يضطر المصرف عندها إلى ضخّ الأموال مجدداً لشراء الدولارات (إذا لم يؤمنها من مصادر أخرى). وبالتالي، فإن الخشية الحقيقية ستكون من زيادة الضغط على الدولار ورفع سعره مجدداً.

 

 

اللافت أن القرار مهما كان تأثيره على سوق المحروقات، فإنه سينعكس على كل القطاعات الأخرى، بشكل يزيد إرهاق الناس. رفع المحروقات بمعدل 66 في المئة يعني أن كل الأسعار سترتفع بشكل مضاعف، طالما أن الرقابة معدومة والجشع مستحكم. ولذلك، فإن الاتفاق الذي أريد له أن يكون وقعه مخفّفاً على الناس إلى حين إصدار البطاقة التمويلية، سيكون تأثيره قاسياً على أغلب الفئات الشعبية، في غياب أي شبكة أمان اجتماعي تسمح لهم بتجنب التداعيات الخطيرة لرفع الأسعار، والذي يتوقع أن يطال أساسيات المعيشة.