كتبت "نداء الوطن": لا تزال الدولة غارقة في "شبر مياه" الصراعات الشعبوية التي تمخضت عن إقرار تسعيرة مستحدثة للمحروقات إثر اجتماع قصر بعبدا، "رضخ بموجبها رئيس الجمهورية مواربةً لقرار حاكم المصرف المركزي رفع الدعم بعد التسليم بتوفير مصرف لبنان الدولارات لواردات الوقود وفق سعر السوق، على أن تتحمّل ميزانية الدولة الفارق بين هذا السعر وبين تسعيرة الـ8000 ليرة لكل دولار"، وفق تعبير مصادر مالية، كاشفةً أنّ دعم المحروقات بهذه "البدعة" الجديدة سيكلف الخزينة "ديناً يفوق 1000 مليار ليرة ليضاف إلى العجز الكبير في الموازنة، وهذا فقط لتغطية نفقة شهر واحد من استهلاك السوق للفيول".


وإذ أعربت عن قناعتها بأنّ "زيادة رواتب القطاع العام وبدلات النقل سيمتصها التضخم بفترة قياسية"، شددت المصادر على أنّ "الحلول الترقيعية التي تنتهجها السلطة هي أكثر كلفة من الحل الشامل، الذي يتمثل برفع الدعم كلياً والانتقال إلى الدعم المباشر للأسر والأفراد"، وأسفت لتحويل المواطن إلى "فأر تجارب" في مقاربة سياسة الحلول المجتزأة، معتبرةً أنّ هذه السياسة "سيدفع ثمنها اللبنانيون مزيداً من التدهور في قدرتهم الشرائية". وأكدت أنّ "الدعم المحدد بـ225 مليون دولار سيدفع بالدولار النقدي وسيؤمن بالنهاية من التوظيفات الإلزامية التي تعود إلى المودعين، وبالتالي فإنه مع كل مسّ في هذه التوظيفات سيزداد الضغط على سعر صرف الليرة ما سيؤدي حكماً إلى ارتفاع الدولار".

 

وأشارت المصادر إلى أنّ "المبلغ المخصص لشراء البنزين والمازوت بعد حسم حصة مقدمي الخدمات وصيانة المعامل يكفي لشراء 12 مليون صفيحة من المادتين لمدة 6 أسابيع، في حين أن السوق استهلك شهرياً في العام 2020 ما يقرب من 17.3 مليون صفيحة"، وبناءً على هذه المقاربة "سيبقى الطلب أعلى بكثير من العرض، خصوصاً وأن التهريب إلى سوريا سيستمر طالما استمرّ سعر المحروقات محلياً أقل من النصف عما هو عليه في سوريا".

أما عن إقرار مساعدة غلاء معيشة بكلفة تقدر بحوالى 600 مليار ليرة، وزيادة بدل النقل بكلفة 1200 مليار ليرة، فرأت المصادر أنّ هذه المبالغ ستؤمن بطبيعة الحال من "طباعة الليرة" خصوصاً إذا ما شملت الزيادة كل العاملين في القطاع الخاص، ولم تقتصر على موظفي الإدارة العامة كما كان اقتراح وزارة المال، منوهةً في هذا الإطار بأن "زيادة الكتلة النقدية سترفع الطلب على الدولار بشكل مباشر وغير مباشر، وستؤدي في نهاية المطاف إلى مواصلة سعر الصرف طريقه صعوداً".