لي الشرف أن أكون صومالياً أو سودانياً و منتسباً ومنتمياً لأي دولة فقيرة ولأي شعب معوّز ومدقع فقراً على أن أكون لبنانياً منتمياً لحكومة لا تشبه حكومة من حكومات دول العالم الثالث ولا لأحزاب لا تشبه حتى أسوأ أحزاب الشعوب المتخلفة ولا لطوائف هي أسوأ من قبائل آكلي لحوم البشر ولا لشعب هو الأسوأ من بين شعوب الأرض ويحمل أوسكاراً بذلك وقد فاق في تخلفه تخلف البشرية في أولى مراحل خلقها .

 


لا شرف لي وسط غابة تحكمها الحمير ولا كرامة لي وسط بحر من الحيتان والتماسيح ولا عهد في عهد من لا عهد له ولا حرية لي وسط كلاب من الحراسة المشددة ولا إنسانية لي وسط حيوانات كاسرة ولا حياة لي وسط مقابر تُزين لنا جنّات الآخرة وتسترضعنا حليب الشهادة لتفطمنا عن حُب الدنيا ونمضي الى حيث المنتهى مع الفقراء وأولي العوز وخفاف العقل وضعاف القلب .

 


على ذمّة الراوي الدنيا جيفة وطلابها كلاب فلماذا يقتل من أجلها و يُقتلُ من زهد بها ؟ ولماذا يحوط بها دعاة الدين كما تحوط الأم الرؤوم طفلها المحرور؟ لا أدري لقد بلغني أن أهل القبور لهم قصور في الجنة و أن أهل القصور لهم قبور في الآخرة فلماذا ينام الدعاة وحدهم في القصور دون القبور في دنيا فانية كما قالوا ؟ لا أدري لقد بلغني أن من آمن بي نال إحدى الحسنيين إمّا النصر و إمّا الشهادة فلماذا يبكي الحسين بائعُ الشهادة ومشترحياة يزيد ؟ لا أدري لقد بلغني أن علياً  عليه السلام كان يبيت على حسك السعدان وعلى عطش وجوع  قرب بيت مال المسلمين و أنّة كان قيد إقالة أحد ولاته عندما بلغه أنّه لبّى دعوة غني على مائدة لا فقير فيها فلماذا يبيت ولاته على فرش من حرير واستبرق وهم متخمون من لحوم الإبل و الطير ؟ ولماذا لا يعرف الولاة الجُددُ من نواب الشعب سوى الأغنياء ويفترشون كروشهم على موائدهم على نظر صاحب البصر ؟

 

 

إقرأ أيضا : أميركا تمهل إيران لإيلول وإلاّ

 

 

  لا أدري لقد بلغني أن من والى جعفراً اتخذ الفقر جلباباً فلماذا يتجلبب الموالون أثواب الغنى ؟ لا أدري لقد بلغني أن من فتح بلاد الروم والفرس مات فقيراً فلماذا يصبح من سروات رؤوس الثروات من يفتح قرية أو مدينة في بلاد الشام والرافدين ؟ لا ادري لقد بلغني أن الخليفة عمربن الخطاب كان يرتدي سملاً من أسمال الليف ويضع على بطنه الغرثى رحى أرملة لم تجد شعيراً تطحنه لأطفالها فبكى واستغفر الله فلماذا أمراء الأحياء و الزواريب وائمة الصلاوات المدفوعة بالعملة الصعبة يناطحون السماء بزينة من الأبراج ؟ لا أدري لقد بلغني أن الراوي مات بعد أن شهد نتائج ما روى .

 


حدّث لا حرج في شمل المتصيدين من تجّار الدين ممن وشوا بالمسيح وباعوه كما باعوا يوسف بدراهم معدودات وكما كمنوا لمحمّد لقتله بسيف الجاهلية غيلة على فراش النبوة وكما مزّقوا جسد الحسين على نيّة التقرّب من جده  لبلوغ  سدرة المنتهى ووحده من كان يرى مُلك الري ابن سعد العالم والفقية والحبر الكبير من أحبار الأمّة  تماماً كما رأى ويرى أترابه و أطرابه في كل زمان ومكان الحياة التي ينهون الناس عنها ويلذون بها لوذ الرضيع من ثدي أمّه .

 


أسوأ ما أنت عليه أنك لبناني و أسوأ ما أنت فيه أنك طائفي و أسوأ أحوالك أنّه لا حول لك ولا قوّة أمام قوّة الأحزاب و أسوأ ما بك أنك لا تملك خياراً للهروب أو للمواجهة وقدرك أن تدفع أثمان عمرك لشعب عكف على عبادة الأصنام ويدعوك لعبادتها أو يقاضيك كل يوم ويفرض عليك اتباع ما يتبع أو يصفك بالضال الذي يجب هتكه و أسوأ ما انت فيه انك محكوم لجمهور أغلبه من النساء ممن لا يفقهن حديثاً ولا يقرأن حتى في المرآة لبشاعتهن وهن يرجمن الله بدلاً من رجمهن للشياطين .