بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، رُفِع عند اشارة تقاطع  السير في منطقة القنطاري عداد يسجل الأيام التي تمُر طلباً للحقيقة  والعدالة. ثم جرت انتخابات انتجت أقليات متناثرة اجتمعت في اكثرية روضوية معتمدة سياسة مستهجنة ! وادت هذه الاكثرية  دور ام الصبي او هكذا توهمت  بطفولية نادرة عن سابق تصور و تصميم ، لتؤكد حيث لا تحتاج الى تأكيد أنها لم تبلغ سن الرشد . وأقلية مارست بوقاحة  غريبة دور الصبي الشقي الذي يسبب الإحراج لأهله خلال زيارة ما، حيث يخرب ويحطم كل  شيء يطاله بشطارة تتجاوز  شقاوة الغلمان ، وبمهارة ملفتة تتجاوز الزمان والمكان .

 

 

 ان الجامع المشترك بين هذه الأكثرية و تلك الأقلية هو افتقادهما  الى التربية الوطنية وروح المواطنةوالمسؤولية حيث المسؤول لا مسؤول .ثم تشكلت حكومات  أعقبها حوار طرشان ،وزيارات مخصية، قام بها غلمان  لم تعالج أسباب الفساد  المتجذر ،المترافق مع  الإنهيار القوي الذي يضرب بشدة الاسس  والبنيان حيث كانت ملامحه واضحة لمن يملك البصيرة ، لكن الرغبات والمصلحة  الخاصة طغت على ما  عداها،  واعمت البصر والبصيرة عن رؤية  ما يجري والنتائج المترتبة على هذا الاستخفاف، وكان  وبالا على الدولة  والمواطن.

 

 

      عندما كان للبنان رئيس ، سجل التاريخ  كلمة للرئيس الراحل سليمان فرنجية جاء فيها : " اسلمكم خزينة ليس عليها اي قرش دين ، وأُسلمكم جمهورية ليس لها اي إرتباطات خارجية إلا إحترامها لشرعة حقوق الإنسان ولميثاق الأمم المتحدة ". واستدارت الأيام ، وتغيرت الاكثريات  وإنقلبت المعادلات وجرت تسويات  واضحة ، أعقبها ردات  فعل فاضحة تحت عناوين واهية مغلفة تجنبا للضرر وتحت عنوان  الضرورة . 

 


     وسط هذا  الليل الحالك هلّ الفجر ،  وطلع البدر إلى القصر ، فأحدث جزرا  لم  يعقبه  مد ، عاكسا الطبيعة و المنطق ،  وأدى هذا الإنقلاب الى إستكمال منهبة هائلة  عمت البلاد ، قام بها واشرف عليها اختصاصيون في الانتهازية و خبراء في الوصول الى مبتغاهم، حديثي نعمة وثراء مستجد ومتوحش ، متكئين على حقائب لا تراها عين ولا شمس ، وشعارات تغيّر وإصلاح !؟؟ فارغة الا من خرزة زرقاء علقت في جبين عهد  قوي  تحت انظار قوى ممانعة تتمتع  بمروحة واسعة من السطوة والنفوذ .

 

 

في نهاية عهد  يوجد فيه اكثر من  رئيس     سيسجل التاريخ ؛ ان  اللبنانيون عاشوا حقيقة  في جهنم  ، وتحول  كل يومٍ في حياتهم الى يوم شبيه بيوم  الرابع من شهر اب...!! اهتزت الدنيا و الدولة وهب الشعب ، افلست البلاد وذلّتْ الناس ، وسقطت السلطة ،  وانفجرت العاصمة وأبناؤها ، العالم يناشد ويدعو هؤلاء الغربان حملة الألقاب  عطوفة  الحرمان ودولة الاعتذار  ، ومعالي الذل ، وسعادة  الشقاء ، وفخامة جهنم ، الى تشكيل حكومة لوقف الإنهيار ،وهم في غيهم  وبأسهم لا يعمهون،

 


 وفي لعيهم وتفاهتهم يلهون ويمرحون ، لا حياء ولا خجل يمنعهم  ولا من يحزنون .  


 نقترب اليوم  من اطفاء اول شمعة على تفجير بيروت في 4 اب2020.

 

 وكانت ردة الفعل اليتيمة قد اقتصرت على بضع استقالات من مجلس تفوح منه رائحة النيترات. ولا يختلف إثنان على أن هذا التفجير أعاد وصل  الشعب اللبناني مع العالم المتقدم ، بعدما قَطّعت وشائجه هذه المنظومة الحاكمة والمتحكمة ، التي بدت انها عورة بذاتها وعار. 

 


  قد يكون التساؤل الذي طرحته الوزيرة السابقة مي شدياق  "هل تعتقدون أن البعض فهم اليوم أهمية عدم الاستقالة الشعبوية من دون حسابات دقيقة للنتائج على المدى البعيد" ورَد النائب المستقيل إلياس حنكش الذي قال فيه " هم يسألوننا ماذا حققنا بإستقالتنا  ونحن نسألهم ماذا فعلوا ببقائهم في المجلس ، هل اوقفوا الانهيار؟ هل منعوا الاستحواذ على اموال الناس؟ هل خففوا من وطأة كورونا؟"

 

 

     هذا التساؤل والتساؤل المضاد اختزل جِزءً من الدراما  البائسة واليائسة التي نحياها ونشاهدها وهي شبيهة بحالة من يقرأ "كافكا" فهو معلق بين الوضوح الذي يملأكَ سأماً ، وبين الغموض الذي يمنحُك شوقاً . يفسر عميد الادب العربي طه حسين هذا الغموض بان الكاتب نفسه لا يعرف لنفسه غاية.وان محنته الكبرى انه لم يستطع ان يستكشف الصلة بين الانسان وبين الاله  يتسائل طه حسين ؛ "امصدر ذلك ان الانسان اعجز من ان يرقى  الى الاله؟ أم مصدر ذلك ان الاله لا يريد عن عجز او عن عمد أن يهبط الى الانسان ؟ أم مصدر ذلك  قصور في الانسان وفي الإله نفسه عن ان يلتقيا".