بعد غياب قسري عادت تيارات جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية لتلتقي وسط الأزمة السياسية المفتوحة وفي خضم الأزمة الإقتصادية التي أفقرت البلاد والعباد تنسيقاً لخطوات عملية لمواجهة كلا الأزمتين من خلال مواجهة السلطة المسببة لهما والتي أنهكت وأسقطت مشروع الدولة لصالح الدويلات القائمة وبخيارات نضالية وطنية تجلّت وبرزت بشكل واضح من خلال الإنتفاضة اللبنانية التي عكست رغبة جامحة وملحة للتغيير والخروج من أنفاق الطوائف وزواريب أحزابها بغية التخلص من نتائجها الكارثية والمدمرة .

 


تبدو الإنتخابات النيابية والإستحقاق القادم والمرتبط بانتخاب رئيس جديد الطريق الذي تسلكة تيارات جبهة المقاومة وبجهوزية عالية من خلال هيئة تنسيق الإنتفاضة بحيث بادركل من الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي واليسار الديمقراطي ومستقلين الى لقاء موسع في النبطية -الفوقا- لمناقشة ورقة التفاهم التي تدعو القوى الحيّة والمتضررة من أزمات السلطة المتعددة الأشكال والوجوه الى نضال فعلي ومباشر بالإنطلاق نحو دفع جديد يعيد للإنتفاضة دورها الريادي في قيادة الشعب نحو أهدافه الإجتماعية والسياسية في مرحلة أحوج ما تكون الى إحداث تغييرات في بُنى السلطة لإعادة إعمار ما دمرته على مدار ثلاثين سنة .

 


قبل النبطية وبعدها كانت صور وبنت جبيل وصيدا المساحة الوطنية المشتركة لتيارات جبهة المقاومة الملتفة حول الإنتفاضة التاريخية من موقع الإنخراط والتصدي لحيتان السلطة والوقوف جنباً الى جنب مع المجتمع المدني الذي أرسى واقعاً أصبح من الصعب تجاوزه بعد ثبات شباب من كل جهات الوطن على هويتهم الوطنية ورفضهم للهويات الطائفية التي تستغلها قوى الطوائف للكسبين المالي و السياسي .

 

 

إقرأ أيضا : تونس : شعب وجيش والغنوشي في الإقامة الجبرية

 

 


ثمّة وجع فعلي وحقيقي لا ينتاب الشعب الحريص على تغيير واقعه بل يطال أيضاً نخباً سياسية ضامرة الخلاص من أوجاع السلطة القائمة وهذا ما يعزّز من صلابة الموقف اذا ما استمرت هذه الخيارات قائمة ومفتوحة على التفاهمات خاصة من قبل تيارات جبهة المقاومة والتي تتمتع بشرعية المقاومة التي أسسوها بحيث يصعب على مقاومين آخرين توهين مناضلي جبهة المقاومة ولا يمكن تخوين هذه التيارات تحت أيّ اعتبار من الإعتبارات ولا يمكن تصنيفهم "سفاراتياً " لأنهم  أكثر عداءً منهم للسفارات الإمبريالية والأدب اليساري أكثر اتساعاً من الأدب الإسلاموي وأشمل موقفاً من الغرب .

 


لكن الرهان على ذلك صعب أيضاً من خلال التجربة التي أسقطت الكثير من الرهانات على قوى متذبذبة تتنقل بين الموا قف على ضوء الأمزجة و المصالح الشخصية لذا من الصعب الرهان على الحزب الشيوعي في ظل أزمته الداخلية مابين قيادة منتخبة ولكنها غير حاكمة وهي مرتبطة ومصطفة استراتيجياً بقوى سلطوية مسؤولة عن استفحال الأزمات في لبنان وثمّة شُبهة مالية محفوفة بهذه الإستراتيجية كما أن حال ناصريي صيدا ليست أفضل حالاً من شيوعيي الحزب اذ أن الرهان على النائب اسامة سعد رهان خاسر أيضاً لأنه وصل البرلمان من خلال الثنائي الشيعي وهو لا يستطيع الإبتعاد عن الممنوع شيعياً وهكذا هي أحوال الباحثين عن مواقع نيابية وغير نيابية الأمر الذي يجعل الرهان على استمرار عقد التنسيق قائماً  أمر مبالغ فيه .

 


لا تنكر شخصيات معنية بهيئة التنسيق إمكانية التفريق مادامت الحاجات الخاصة قائمة ولكن لا مجال أمام المعترضين والمتضررين سوى التقاط الأنفاس المتهالكة والضائعة والتقاطع في ما بينها على العناوين المشتركة في مرحلة متاحة جداً اذا ما أحسنا خوض الإنتخابات النيابية تحت مظلة وطنية مركزية ترفد التجمعات المناطقية وتعزّز من أدوارها تماماً كما كانت حركة الإنتفاضة اللبنانية التي ظهرت كقوة أكبر بكثير من قوى السلطة نفسها سواء كانت متجمعة أو متفرقة .

 


للحديث تتمّة مع تطورات أعمال هيئة تنسيق الإنتفاضة لتبيان الرهان من عدمه .