يشرف موقع لبنان الجديد أن يلتقى بكاتبة أدب الأطفال الفلسطينية الأستاذة جيهان يحيى أبو لاشين لكي نتعرف منها على رؤيتها لهذا الصنف من الأدب الرائع والمهم  
في البداية نحب إن نتعرف على كاتبتنا أستاذة جيهان ؟ 
جيهان أبو لاشين / مولودة بغزة عام 1977 أم لأربع أطفال . أعيش حاليا في غزة و قد كانت لي تجربة سابقة مع الغربة حيث أقمت في اليمن العربية و أنجبت هناك اثنين من أطفالي ثم عدت لغزة. عملت في المسرح و في الصحافة و في العديد من المؤسسات كموظفة و متطوعة . اعمل حاليا منسقة ضمن برنامج أدب الأطفال في مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي / غزة كما اعمل كمدربة غير متفرغة في بعض الأحيان . كتبت العديد من الألوان الأدبية و لكن أكثر ما أشعره قريبا لقلبي و لشخصي هو أدب الأطفال و الحكواتي .

 فى رأيك ما هى أهم مواصفات كاتب أدب الأطفال ؟
من اهم مواصفات كاتب أدب الأطفال هو قدرته على التماهي مع شخصية الطفل . أي عندما يُكتب عملا يكون قادرا على استحضار نفسه في عمر الطفل المستهدف و يتعايش مع انفعالات طفولته الحقيقية . كما على هذا الكاتب أن يكون قادرا على إدهاش الطفل سواء بالخيال الجديد الذي يأخذ الطفل لعالمه أو من خلال طرقه الممتعة في تقديم قصة الأطفال. كما عليه أن يمتلك لغة سلسة و رشيقة يمكن للطفل قراءتها و فهمها و استيعابها و الاستمتاع بليونتها

يتهم أدب الأطفال العربي بأنه مازال يعيش حياة أدب الاطفال فى الغرب فما صحة هذا الاتهام ؟
ربما يكون هذا ملحوظا في العديد من الأعمال المقدمة للأطفال و ربما يكون شائعا بعض الشيء و لكنه ليس مطلقا. و العديد من الإصدارات التي أصدرت للأطفال واليافعين تأخذ ملامح عربية تماما و قيم أصيلة و عريقة.

هل نعاني من أزمة في أدب الأطفال العربي وهل هي أزمة إبداع أم أم تمويل ؟
نعم صحيح . الأدب الموجه للطفل مأزوما في المجتمع العربي و قد تكون أسباب الأزمة متعلقة بالتمويل و النشر أو بالإبداع أو ربما بالقارئ
فيما يتعلق بالتمويل فإن أعداد ما ينشر من أعمال موجهة للطفل لا يتلاقي مع ما ينبغي أن تكون الحال عليه . و ربما تقصر الكثير من دور النشر في الطباعة أو في حجم الاهتمام الذي توليه لكتب الأطفال. و نحن لا ننكر شجاعة دور النشر التي لازلت تولي أدب الأطفال جام اهتمامها و لكم نؤكد أنه ليس كافيا 
أما فيما يتعلق في الإبداع. هناك عدد جيد ومميز من الكتاب العرب الذين يكتبون للطفل بشكل مميز و في المقابل هناك عدد كبير ممن يصدرون أعمالا لا روح لها و بمواضيع مكررة و غير لافتة للانتباه تزيد المساحة بين الطفل و قراءة قصص الأطفال اتساعا
فيما هناك كتاب أخر مبدعون لم يجدوا الفرصة لتخرج كتاباتهم للنشر . و بعض الكتاب تكون لديهم القدرة على الكتابة الجيدة و بالرغم من ذلك تتملكهم الرهبة و الخوف من النقد و من ردود الأفعال فيمتنعون عن الكتابة أو النشر .


هناك احصائية عالمية ان حصة الطفل العربى من القراءة مدة 6 دقائق فى العام ما السبب فى رأيكم 
أنا لا أميل لتصديق هذه الإحصائية و لا اعتقد أنها دقيقة و لكن في الوقت ذاته اعتقد أن هناك أزمة قراءة حقيقية في وسطنا العربي ليست منوطة بالطفل وحده و لأسباب متعددة . سأسرد ما هو متعلق بالطفل منها
الطفل العربي يربط القراءة بالمدرسة و هو يشعر بحاجز تجاه الكتاب خلقه هذا الحاجز الموجود بينه و بين المناهج التعليمية / والتي تعاني من أزمة و تسبب ضغط شديد للطفل 
القراءة عادة و لن يكتسب الطفل هذه العادة بسهولة إن لم ينشأ و قد رأى والديه يمارسون هذه العادة أمامه .
المغريات و مصادر التسلية التي من الممكن أن يحصل عليها الطفل أصبحت كثيرة و متعددة فهذا التطور الهائل في ألعاب الطفل التي بإمكانه الانشغال بها أو هذا التطور التكنولوجي الرهيب و الذي يمنح الطفل حاجته لعب و لقضاء و وقته و للاندهاش و للاستمتاع جعل الطفل بعيدا عن القراءة
الكتب ليست في متناول الطفل . فما بإمكانه الوصول إليه هو الكتب المتواضعة جدا و بسيطة الشكل و التي لا تليق بكتاب للطفل . فيما له الكتب ذات الجودة و المعايير المناسبة للطفل بأسعار مرتفعة تزيد من صعوبة امتلاك الطفل له .

فى رأيك كيف تنظرين الى مستقبل أدب الأطفال العربي 
لا أريد أن أكون مُحبِطة أو مُحبَطة و لكن أوصي بالاهتمام بأدب الأطفال. لأن ما يمسكه الطفل بين يديه و يقرأه يمنحه فرصا ليقوم باعمال ذهنية عديدة و مهمة لا تمنحه إياها مصادر المتعة الأخرى . كما إن الكتاب أطول عمرا و أكثر تأثيرا. هذا التطور التكنولوجي الرهيب يعطل حواس الطفل أحيانا و يحد من تفكيره و حاجته للاندهاش. الطفل في حاجة للاندهاش ليحلل و يفكر في حلول . و لتتكون لديه شخصيته المستقلة القادرة على فلتره ما يرد إلى دماغه من معلومات هائلة منها المغلوط و منها الصحيح

كيف تنظرين إلى واقع أدب الأطفال في فلسطين عامة وغزة بالخصوص ؟

كحاله في كل الوطن العربي هو مأزوم . لدينا في فلسطين أزمة دور نشر حقيقة فدور النشر الموجودة تعد على الأصابع و عدد ما يتم طباعته لا يكفي و لا يتلاقى مع طموح الطفل من التنوع و الزخم . لا أنكر مجهودات العديد من دور النشر و لكن هذا لا يكفي . كذلك الحال بالنسبة للكتاب و هم قلة . فيما هناك بعض الكتاب الجيدين و الذين لم يحصلوا على فرص جيدة للنشر .

هل أثرت قنوات الأطفال في انتشار أدب الطفل أم العكس صحيح؟ 
بإمكاننا أن نقول أن ما يقدم عبر قنوات الأطفال هو نوع من أنواع الأدب فهو مضيف و هذا أكيد و لكن ما يحدد كونه أدب جيد أو أدب رديء و هل كان له تأثير في انتشار أدب الأطفال أم لا . هو كل عمل على حدة . بعض القنوات تقدم أدبا عالميا أو حكايات و هي تعزز علاقة الطفل بأدب الأطفال. و بعضها يقدم أناشيد و أغاني يمكننا تصنيفها كألوان من ألوان أدب الطفل و تكون جيدة فيما البعض الأخر يشد الطفل بعيدا عما ينبغي و لا يمكننا اعتباره سوى مضيعة للوقت

 هل نشرف بأن تقدمى لنا بعضاً من انتاجك فى أدب الطفل؟ 
نعم سأرفق قصتي التي طبعت و صدرت حديثا عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي و هي بعنوان" تفاحة و حلم"
شجرة تفاح كبيرة 
غفت يوماً عند الظهيرة
حلمت أن تكون سحابة
تروي الأشجار الصغيرة 
تلف حول العالم 
تسقي التربة الفقيرة
كانت قد ملت الحجارة 
التي يقذفها الصغار
لتسقط حباتها جميعا
قبل أن تنضج الثمار
قالت :أتمنى أن أتبخر
أرتفع في السماء
اروي اليابس و الأخضر
لا أبخل بالماء

أرحل من صحراء لغابة
أغدق عليها القطرات
فتتفتح الزهور 
و تثمر الشجرات 
تقافزت ثمراتها بمرح
رقصت فوق قوس المطر
غنت لها الألوان 
لعبت حباتها مع القمر
فجأة شعرت بالوجع 
ففتحت عينيها باستنكار
كان طفل صغيرا يقع 
كلما قذفها بحجر
ضحكت حينها و اهتزت 
لتسقط بعض الثمار
و قالت بحب و رضا
هاهاها يا للصغار