تتعدّد الروايات على ألسن عربية وأعجمية بنهاية عهد الرئيس بري والمضي قدماً نحو صناعة بديل عنه أو بدلاء يتنافسون سرّاً على خلافة حيّ هو آخر رجلات السياسة الوطنية بعد أن لُبّس قميص الفساد وحده ومن خلال عمل مبرمج وبخطّة محكمة ومدروسة التفاصيل بحيث لم تتمكّن حركته من الدفاع عنه بغير وسائل القوّة كما هي حال بدايات التطاول على شخص دولته وقدعجزت قسراً أوطوعاً الجيوش التي استفادت من سلطته عن الدفاع والتزم جنودها الصمت الذي كان أكثر من شريك للطاعن بصدر الرئيس .

 


كانت البداية من صور المدينة التي امتازت بعناية خاصة منه ومن التفاتة دائمة لموقعها التاريخي و الجغرافي من القسم الى التنوع الطائفي الذي تمتاز به رغم الحروب التي دمّرت التعايش ولم تبق عليه في لبنان إلاّ بما ندر في صور . حيث تمّ التعدي المباشر على شخص الرئيس بري دون سواه ومن ثمّ كرّت سُبحة الإدانة له في باقي المدن الشيعية بحيث أُنصف الرئيس بري من باقي الطوائف أكثر مما أنصفته الطائفة التي يمثلها .

 

 

إقرأ أيضا : نيرون لبنان

 


لا ضرورة للأمثلة حتى لا نضيع في زواريب التفاصيل ومن لم يقلها علناً قالها سرّاً أو همساً ولم يخف أحد من الواقفين على يسار الرئيس بري موقفه من التجربة التي اعتبرها مرّة وثمّة ضرورة لطيّ سجل حركة أمل في السلطة .
يبدو ان هذه الضرورة ليست صنيعة اليسار الشيعي فقط بقدر ما هي تلبية أيضاً لرغبات متعددة  لأطراف ودول خارجية ويسهم النظام السوري إسهاماً كبيراً في ذلك كما جاء على لسان أكثر وكلائه المعتمدين في لبنان وكما صرّح أكثر من مصدر عن نيّة أميركا وفرنسا في تغييرأركان الطبقة السياسية في لبنان ولم يبق منها سوى الرئيس بري مما يعني أنّه الهدف المباشر لهذه النوايا .

 


ثمّة ميزان قوّة داخل الطائفة الشيعية جعل من أمل حركة ثانية وهذا ما يدفع الى نتائج مغايرة للنتائج القائمة وثمّة ميزان قوى في الساحة اللبنانية جعل من الحركة قوّة قائمة على رصيد الرئيس بري الشخصي كضرورة وطنية في مقابل البديل الآخر والغير متجانس و المخالف للببئة اللبنانية ليس سياسياً فقط بل سلوكياً أيضاً ومع ذلك ثمّة من يجنح نحو حسابات جديدة في التحالفات رغبة في حسابات السلطة بحيث تنهض تحالفات طائفية جديدة لتحل محل تحالفات طائفية قائمة اذا ما بدّل المشهد الإنتخابي النيابي من موازين أحزاب الطوائف .

 


إن تموضع المجلس الشيعي الجديد في نقطة القوّة الفاعلة والمؤثرة ونهاية دور الحركة في بُعدها الإقليمي وتحميل الرئيس بري أكثر من غيره مسؤولية الفساد وسعيه الدائم لبقاء رحى الحجر القديم شغّالاً لطحن مشاريع الإصلاح المطلوب كلها عناوين تؤكد الروايات المحلية والخارجية المتقاطعة رغم تناقضاتها حول مصيرحركة الرئيس بري على ضوء المستقبل السياسي الجديد للبنان بعد إنهياره .

 


حتى اللحظة نجحت أعمال الكيد ضدّ بري بالنسبة المطلوبة وساعد على ذلك مقربون يقفون  على يمين الرئيس وإن عن غير قصد  جرّاء خلل ما في بنية التعاطي داخل الهيكل ويبدو أن الإستمرار بإعتماد التجربة القديمة من قبل الرئيس وعدم الرد على دعوات الإصلاح والطعن بشرعية التعديل المطلوب في السلطة سواء كانت في بنية الدولة أو في الأطر المتصلة بها وكلها أمورمغذية لبقاء الرئيس وحده في قفص الإتهام كما تقول الروايات المتعددة الشكوك و النوايا .