اذا كان العيد عيد عرفة ووقفة الحجيج على جبل مكّة ومن ثمّ ذبح الأضاحي وفكّ الإحرام كلها مناسك يؤديها المستطيعون اليها سبيلاً أي أنّها وظيفة المقتدرين مالياً وخاصة في مثل هذه الظروف التي أفرزت فقيراً مدقعاً وغنياً مترفاً وهي مناسبة للتزاور وتبادل الهدايا وتوزيع الحلوى وهي أيضاً للمقتدرين والمستطيعين اليها سبيلاً في ظل غلاء فاحش لا قدرة للفقير على احتماله وهي مناسبة لشيّ لحوم الضأن ومن اختصاص الأغنياء لا الفقراء خاصة بعد ان بلغت أسعار اللحوم من الإرتفاع ما تجعل الفقير أكثر عجزاً على شي اللحم في يوم العيد .

 


والحديث عن الفقير لم يعد هو الحديث عن الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوّة بل عن طبقة كاملة هدّمتها سياسات الحكومات المتعاقبة والتي رعتها أحزاب الطوائف بدقّة عالية حتى أحرقت ما كان من أخضر في قوتنا اليومي وهذا ما جعل حجّ السنة محصوراً بأهل الدولار فقط لا غير لذا تتضح مع كل أزمة عملية تحويل الدين للجهات المختصة من قيادات حزبية ودينية ومن تجّار في السياسة والأعمال وهذا ما يكرّس ابتعاداً ملحوظاً للناس العاديين عن الدين بعد أن بات المتدينون أهل نعم لا تزول على عكس النصوص التي وصفت المتدينين بالمتخوشيشن كونهم طلاب آخرة لا كلاب دنيا وركوب ملذّات .

 


في صبيحة العيد ينقسم الناس ما بين زوار للمقابر وزوار للبحور والشطوط ومراكز السياحة وفي المقابر ترى الفقراء يشمون روائح موتاهم في مساكن ومنازل فتحتها لهم أحزاب شتى وحروب لا حصر لها ويغسلون الأضرحة والشواهد بما تبقى في أعينهم من دموع وعندما تنتصف الشمس يعودون الى أحزان أخرى في بيوت ينام فيها البؤس في حين أن فحول القوم يعودون من منتزهاتهم ليلاً ليشكروا أولي الأمر على جزيل العطاء في الطاعة لصنم هنا وآلهة هناك .

 

 

إقرأ أيضا : نيرون لبنان

 

 


أن تستفيق يوم العيد ومن حولك بطون غرثى ولا قدرة على شراء شيء بعد أن استفحل الغلاء بطريقة عابثة ومجنونة وفي ظل رعاية وحماية سياسية لتجّار يسبحون الله ويتركون لحاهم أو يتباهون بصور الزعامة والزعماء كي يحموا تجارتهم ويوهمون البهيمة بأنهم أهل صلاح وإصلاح ورشاد وهداية  وهم أكثر الناس خبثّا لعياله وأجرأ من الشيطان على تحدي إرادة الله في معاملة عباده .

 


أن تستفيق فقيراً وحولك أغنياء مترفون يقضون يومياً على البضائع بحيث تحوّلت بيوتهم الى مولات تتكدّس فيها البضائع حتى مادة البنزين بات لها غرف في منازلهم وهنا نتحدث عن الأغنياء الحديثين ممن يمتهنون فنون السياسة بحيث أغرقتهم حزبيتهم بفائض من نعم الفقر الذي لطالما تغنوا فيه يوم الكلالة .

 


لقد صنعوا لنا بؤسنا من خلال بأسهم علينا وجعلونا نحتاج لرغيف خبز مجبول بالذل ولو أنّهم شاركونا بؤسنا لعفونا عنهم وقلنا المصاب ومهما كان جللاً فهو مشترك بيننا ولكن أيّ عاقل يرضى أن يسلب منه ماله وضمانه الإجتماعي والصحي وينزل قسراً من عن سلم الحياة المحترمة الى الدرجة الأخيرة من الفقر المُذل وهم متربعون على حكوماتهم  ويدعوننا الى صبر وزيرمتخم  ونائب متضخم ورئيس كامل الدسم .