من الصعب رؤية النيرونين الحريري وباسيل وهما يحرقان لبنان على عزف موسيقي ناعم لكليهما في ظل صمت مطبق للجهة التي أصابت مقتلاً في لبنان نتيجة خياراتها السيئة لقصر ملحوظ في الرؤية السياسية وفي ظل ورقة بري البيضاء والتي حبست وحدها ما كان فيها من سواد قادم مع النار البرتقالية
 

عندما تموت دع النار تأكل الأرض قال : لا أشعلوا النار وأنا حيّ فأحرقوا روما عام 64ميلادياً بعد تدهور سياسي وفوضى عارمة وإفلاس شامل لكامل الإمبراطورية الرومانية التي صرخت : نيرون عدو الشعب .

 


نيرون مات ولم تمت روما ولكنها انتهت كإمبراطورية مع حكم وموت نيرون الإمبراطور الخامس والأخير.. قيل الكثير عن نيرون الشخص والحاكم والمصاب بجنون العظمة تماماً كما هو جنون الحكّام العرب وخاصة من شهدنا تجاربهم المرّة وفظائع ما ارتكبوا بحق شعوبهم ونكاد أن لا نستثني نيروناً عربياً من الملوك والقادة والرؤساء وتبرز أسماء كل من مجانين العراق وسورية واليمن وليبيا والسودان والبحرين وآخرين من ماركة من ذكرنا وتبدو النيرونية اللبنانية النموذج الأوفى  " للنيرنة " وهذا ما صنعته يد الطائفية السياسية من حرق للبنان الأخضر من عام 1958 الى عام 1975 مع ظهورنار الحرب الأهلية بشكل أكبر واستمرارها حتى اللحظة الراهنة في ظل ما يشبة روما القديمة من جنون وخراب ونار ودمار.

 


التزمت الطائفة القوية بحرق لبنان طيلة نشأته التاريخية ولم تفوّت فرصة من الفرص الممكنة كي تصلح أحوال البلاد والعباد وقد غذّا ذلك تملك اللبنانيين لعصبيات جنونية أسهمت في انتاج طبقات سياسية مجنونة مثلها وهذا ما كرّس سياسات الحروب والعنف والإنقسامات والخلافات التي أودت بحياة اللبنانيين جرّاء تقاتل دائم ومستمر وها هي العداوة القائمة تنتج اليوم مزيداً من النار ولكن هذه المرة لإحراق لبنان كما حرق نيرون روما لأيام وليال معدودات .

 

 

إقرأ أيضا : سورية واغتيال بري

 

 


لم يتعلم اللبنانيون من تجاربهم وما اقتنعوا حتى الآن بأنّ التمسّك بسياسات التطرف سوف توصلهم الى حتوفهم  لذا نرى الأحزاب المتطرفة هي السائدة في الطوائف وهي المزاولة للسلطة وهذا ما تعكسه بإستمرار رغبات الشعب اللبناني في الإستحقاقات النيابية والبلدية على وجهيّ الخصوص وهذا ما تبديه الزعامات الدينية أيضاً والتي تحشد كنائسها ومساجدها ودور عباداتها لدعم مشاريع جهنم لا مشاريع الجنّة الأمر الذي أكدّ إيمانهم الصحيح بالنار وأهلها لا بالجنّة ومؤمنيها .

 


لبنان كما روما على موعد مع النار الأخيرة والتي ستطيح بآخر النيرونيين لأنّه لا مجال في السلطة والحكم للعودة مجدداً الى ما دفعنا أثمانه باهظاً طيلة تجربة السلطة الطائفية ولا إمكانية بعد لرهن البلاد والعباد على وعد بعهد ولا مجال بعد للسياسات المتناكفة أن تصعد السلطة وفي أيّ  موقع من مواقعها تلبية لرغبة النزعة الطائفية المحرضة على نزعات طائفية أخرى انسجاماً مع حروب وانقسامات المنطقة التي تدرء ما ينفع وتدفع بما لا ينفع .

 


من الصعب رؤية النيرونين الحريري وباسيل وهما يحرقان لبنان على عزف موسيقي ناعم لكليهما في ظل صمت مطبق للجهة التي أصابت مقتلاً في لبنان نتيجة خياراتها السيئة لقصر ملحوظ في الرؤية السياسية وفي ظل ورقة بري البيضاء والتي حبست وحدها ما كان فيها من سواد قادم مع النار البرتقالية