الطلاب وذويهم يعترضون بقوة على إجراء الإمتحانات الرسمية هذا العام. إمتحانات الشهادة المتوسطة ألغيت، والضغط مستمر لإلغاء إمتحانات شهادة الثانوية العامة. بالمبدأ، هم على حق، لأن وزارة التربية لم تستطع تأمين عدالة في التعليم عن بعد، ولم تؤمّن مستلزمات هذا التعليم لأبناء العائلات الفقيرة، بالإضافة إلى إنقطاع الكهرباء بإستمرار، وعدم توافر الإنترنت بشكل دائم، خاصةً في المناطق النائية. وعليه، أصبح إجراء الإمتحانات الرسمية على أهميته، فيه ظلم وإجحاف بحقّ أكثرية طلاب لبنان، وذلك بسبب الأوضاع المادية والنفسية التي يمرّ بها الطلاب وذويهم. ولكن الخطير في الموضوع، أن سابقة الإعتراض على إجراء الإمتحانات الرسمية من قبل الطلاب وذويهم(وإن كانت محقّة هذا العام)، ستصبح ظاهرة سنوية كل عام، وسيكون لكل سنة دراسية أسبابها وحججها، خاصةً مع تردّي الأوضاع الإقتصادية، والإنهيار الهائل الذي وصل اليه لبنان على كل الأصعدة، والذي سيستمر لسنوات عديدة. 

 


التعليم في لبنان ينهار أمام أعين وزارة التربية، وبسبب سياساتها الإرتجالية، وتقاعسها عن القيام بواجباتها التربوية في الوقت المناسب، والإنهيار لا يقتصر على القطاع التربوي، بل يتعداه ليطال كل مؤسسات الدولة والقطاعات العامّة والخاصّة، وذلك بسبب وجود منظومة سياسية فاسدة، أوصلت لبنان إلى هذا الدرك، والأنكى أنها متمسكة بالسلطة، وما زالت تتناتش الحصص في بلدٍ منهار ومفلس. وعندما يتهاوى التعليم، يُحدث فجوة عميقة في المجتمع يصعب ردهما، ويستغرق تخطيها عشرات السنين. ما يعني أن جيلاً كاملاً من الطلاب، سيدفع ثمن هذا الإنهيار في قطاع التعليم، والوطن في هذه الحالة هو الخاسر الأكبر.

 

 
كما أن الجامعة اللبنانية التي تشكل العامود الفقري للقطاع التربوي في لبنان، هي الأخرى تعاني، وهي في حالة يرثى لها، هذه المؤسسة الوطنية الأمّ، التي تأسست بعد سنوات طويلة من النضال الطلابي، وسقط في سبيلها تأسيسها والدفاع عنها العديد من الشهداء ، والتي أّمنت عدالة في التعليم العالي، فإستحقت عن جدارة إسم "جامعة الفقراء"، بعدما كان التعليم العالي لسنوات طويلة، حلم لا يطاله إلاّ أبناء الطبقات الغنية والنافذة. الجامعة اللبنانية اليوم تنهار من داخلها، بسبب سيطرة أحزاب المنظومة الفاسدة على كلياتها وفروعها ومعاهدها،  فحوّلوها من صرح علمي عريق، إلى مرتعاً للتحاصص والتوظيفات، وزرعوا فيها أزلامهم، على حساب الكفاءة والنزاهة، وإذا إنهارت الجامعة اللبنانية، سيفقد ٨٠ ألف طالب فرص التحصيل الجامعي شبه المجاني، وليس بمقدور هؤلاء الطلاب الإنتساب للجامعات الخاصة، بسبب غلاء أقساطها، ومحدودية قدرتها الإستيعابية، مقارنةً مع الجامعة اللبنانية. 

 


لا يمكن إنقاذ القطاع التربوي في لبنان، بمعزل عن إنقاذ الوطن، والحل الوحيد لإنقاذ الوطن، هو برحيل هذه المنظومة الفاسدة، وإستعادة الدولة من براثنها، والتخلص من عقليتها البالية المزروعة في كل الوزارات والمؤسسات، القائمة على الإستزلام والإستقواء والتحايل على القانون، وإستبدالها بدمٍ جديد، وعقلية جديدة منفتحة ومتطورة،  تنتمي للقرن الواحد والعشرين، وليس لقرون غابرة.

 


 لا يقوم قائمة للبنان، حتى تُرمى هذه المنظومة في السجن، عندها ينهض لبنان من جديد، ويعود لسابق عهده في التطور والتميّز والحداثة.