ان استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم يشكل خطرا كبيرا على الوضع الداخلي اللبناني. وإن الفوضى الاجتماعية والمعيشية اصبحت وشيكة جدا، وهناك معلومات وتقارير وثيقة وصلت الى اعلى المراجع في الدولة تتخوف من حصول أحداث امنية قد يكون لها تداعيات مخيفة على الداخل اللبناني.
 

الجميع يعبر عن استيائه واحباطه لما وصلت إليه الحال في لبنان جراء استمرار تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، نظرا لدور السلطة التي تمعن بالمكابرة وتحصر جل اهتمامها بمصالحها وإمتيازاتها، وبتنا نشحذ الرغيف ولقمة العيش الكريم، إضافة الى ان تلك السلطة باتت غير آبهة  بمستقبل هذا البلد ولا بمصير أبنائه على الرغم من كل الجهود والوعود والاجتماعات التي تحصل يوميا لانقاذ ما يمكن انقاذه. 

 

 

كأن قوة سطوة السلطة الحاكمة على مقدرات الحياة في هذا البلد، اقوى من الإجراءات والقرارات والانفراجات .

 


رسمياً، صار اللبنانيون شحاذين. باتوا ينتظرون أن تتصدّق عليهم دول صديقة تهمّها مصلحتهم أكثر من مسؤوليهم، وتحترم حقوق الإنسان أكثر من سلطتهم، فترسل المساعدات الغذائية لإبعاد شبح الموت جوعاً. كم هو مؤلم هذا الانحدار الذي وصل لبنان إليه، حتى بات يستجدي الخارج للحفاظ على الحد الأدنى من مقومات الصمود.

 

 

والاخطر ان الوضع الأمني المتفلت في طرابلس وغيرها من المناطق جاء غداة اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، بالتزامن مع جلسة عرمرمية لمجلس النواب، اقتصرت على يوم واحد، وقضت بإقرار ما سمي مشروع قانون البطاقة التمويلية مع فتح اعتماد لها بقيمة 556 مليون دولار. 

 

 

إذاً على وقع غليان الشارع وقطع الطرقات واطلاق الرصاص في طرابلس، أقر المجلس النيابي قانون البطاقة التمويلية من ضمن سلة قوانين اخرى، تمهيداً لرفع الدعم وترشيد جزء منه حسبما جاء في تعهد رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب لرئيس المجلس نبيه بري خطياً . 

 

 

في المقابل، لم يحصل بعد أي تقدم  سياسي او حكومي فيما يعقد في الفاتيكان اجتماع اليوم مخصص للوضع اللبناني، وقد دعا البابا فرنسيس امس، المؤمنين المتجمعين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، إلى أن يتحدوا روحيا مع قادة الكنائس في لبنان الذين سيجتمعون اليوم، وأن يصلوا من أجل لبنان كي ينهض من الأزمة الخطيرة التي يمر فيها، ويظهر للعالم وجهه، وجه السلام والرجاء . 

 

 

لكنّ البابا فرنسيس الذي حذر من أزمة خطرة يتّجه إليها البلد، لم يكن دبلوماسيًا في مخاطبته القادة السياسيّين الذين قال إنّ لبنان لا يمكن أن يبقى تحت رحمتهم، ووصفهم بأنّهم بلا ضمير، وداعيًا الأسرة الدوليّة إلى بذل جهد مشترك لإنقاذ البلد ومنعه من الانهيار.

 

 

ورغم الكلام القاسي والسهام المباشرة، تمثّلت المفارقة مرة أخرى في طريقة تلقّف الطبقة السياسية في لبنان لمواقف البابا، التي بدت متناغمة مع معظم المواقف الدولية من الأزمة اللبنانية، حيث كان التهليل سيّد الموقف، مع غبطة بموقع لبنان في حاضرة الفاتيكان.

 

 

قد لا يكون ذلك مُستغرَباً، إذا ما عُرِف أن هؤلاء القادة السياسيّين كانوا منهمكين قبل ساعات قليلة من لقاء الفاتيكان، بتسجيل حلقة جديدة من مسلسل إذلال المواطنين، من خلال بطاقة تمويلية شعبوية بلا مصادر تمويل أساسًا، في استكمال لمسلسل بات مملاً وممجوجاً بشكل فاضح.

 

 

وفي هذا السياق قد يتفاءل البعض بإمكانية أن يحرّك نداء البابا فرنسيس الصارخ شيئًا ما في نفوس القادة السياسيين، كيف لا وقد وصفهم بأنّهم بلا ضمير، رافضًا أن يُترَك اللبنانيون تحت رحمتهم، فأن يصدر كلام من هذا النوع عن مرجعية دينية بحجم البابا لأمر معبّر، ويدلّ على أنّ الطبقة السياسية في لبنان لا يمكن أن تواصل ممارساتها الحاليّة، كما لو أنّ شيئًا لم يكُن.

 


فهل من أمل من نداء الحبر الأعظم، أم أن ما كُتِب قد كُتِب والآتي أعظم، ومتى يحين الوقت الذي تضع فيه السلطة السياسية حدًّا لمسلسل إذلال اللبنانيّين.

 

 

ان استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم يشكل خطرا كبيرا على الوضع الداخلي اللبناني. وإن الفوضى الاجتماعية والمعيشية اصبحت وشيكة جدا، وهناك معلومات وتقارير وثيقة وصلت الى اعلى المراجع في الدولة تتخوف من حصول أحداث امنية قد يكون لها تداعيات مخيفة على الداخل اللبناني.