أمّا من ناحية القطاعات الاقتصاديّة والتجمعات المهنيّة والتيارات السياسيّة وحتى الشعب اللبناني: فكان الجميع راضيًا عن الفساد ومشاركًا فيه. لقد تحوّل الفساد إلى نمط حياةٍ وكنّا، جميعًا، نتنفّس فسادًا. لذا، وقع العذاب علينا جميعًا. ولن تقوم لنا قائمةٌ قبل سنواتٍ طويلة!
 

ما زال البعض يحاول أن يرفع مسؤولية الانهيار عن حزبٍ بارز! يا عزيزي لا معنى للتعاطي في الشأن العام من دون تحمل المسؤوليّة، ومن دون التخطيط للمستقبل والانتباه إلى الأفخاخ والألغام التي على الطريق.

 


من جهتي أقول: هناك منظومةٌ واحدةٌ تناتشت لبنان وحكمت لبنان بالتعاضد والتساند والتكامل. بل واستفاد كل طرفٍ من ميزات الطرف الآخر. أنا الأقوى ماليًّا وأنت الأقوى عسكريًّا وهو الأقوى إداريًّا أو تجاريًّا، وهكذا دواليك. فنستفيد جميعًا بعضنا من بعض. وكانت المنظومة شغّالةً وكان الكل مستفيدًا ومرتاحًا لوضعه.

 

 

خطأ المنظومة الاستراتيجي أنّها افترضت:


إنّ الخارج لن يسمح بانهيار لبنان ماليًّا واقتصاديًّا. وهذا الكلام كنت أسمعه شخصيًّا في مكتبي من عشرات الشخصيّات البارزة التي كانت تؤكد أنّه غير مسموحٍ اللعب بالليرة والاستقرار النقدي خلافًا لكل المعطيات التي كانت تنذر من عقدٍ من السنين بقرب انهيار الوضع المالي. فقد كان أركان المنظومة يصرفون بشكلٍ غير منطقيٍّ ولا يناسب وضع الماليّة العامة قبل سنواتٍ من الانهيار. وأكبر دليلٍ على ذلك نفقات الأشغال والمشاريع قبيل الانتخابات النيابيّة الأخيرة.

 

إقرأ ايضا : المطلوب تجفيف اللبناني من الأسواق!

 

 

 


لكنّ الخارج فاجأهم! وبدأت القصة من اعتراض السعوديّة على بقاء الحريري في رئاسة الحكومة وإجباره على الاستقالة. ومن بعد هذا الاعتراض بدأ سحب الأموال الخليجيّة وبيع عقارات الخليجيّين في لبنان. وهذا ما كان! فبدأت بوادر الانهيار بالظهور واضحةً حتى انفجرت الأزمة في نهاية العام ٢٠١٩.

 

 

هذا من ناحية المنظومة أمّا من ناحية القطاعات الاقتصاديّة والتجمعات المهنيّة والتيارات السياسيّة وحتى الشعب اللبناني: فكان الجميع راضيًا عن الفساد ومشاركًا فيه. لقد تحوّل الفساد إلى نمط حياةٍ وكنّا، جميعًا، نتنفّس فسادًا. لذا، وقع العذاب علينا جميعًا. ولن تقوم لنا قائمةٌ قبل سنواتٍ طويلة!