وإن كنا نتمنى للشعب الأفغاني والشعب الإيراني كل الخير والسلام، إلا أن المشهد القادم عندهم بكل أسف هو مشهد قاتم، ولان مصائب قوم عند قوم فوائد ... فقد يكون الإنسحاب الاميركي من افغانستان وعودة سيطرة نظام طالبان، هو بداية الفرج، فإنشغال إيران هناك، قد يكون بداية لتنفس الصعداء لشعوب المنطقة هنا .
 

بوتيرة متسارعة تُكمل إدارة بايدن، انسحاب القوات الاميركية من افغانستان، والموعد النهائي سوف يكون كما أكد البنتاغون متزامنا مع الذكرى العشرين لهجمات 11 ايلول القادم 

 


ومع كل دفعة للجنود الاميركيين تنسحب من إفغانستان، ومعهم أعداد كبيرة من الموظفين والمترجمين والعاملين مع هذه القوات تستعر أكثر فأكثر نيران الحرب الاهلية بين حكومة كابل وبين المتمردين من حركة طالبان التي باتت تتواجد وتسيطر على معظم الولايات الافغانية كما انها تطوق مدنا افغانية كبرى، ويؤكد الخبراء أن عودة نظام طالبان الذي أطيح به عام 2001 على أيدي الجيش الاميركي، سوف يعود حتما مع سيطرتها على العاصمة التي باتت  مسألة وقت ليس أكثر، بسبب إنخفاض الدعم الاميركي لحكومة الرئيس الافغاني أشرف غني.

 


 
للاسف لم تستفد إيران من التغيرات الكبرى التي اجتاحت المنطقة بعد احداث 11 ايلول2001 ، وما أقدمت عليه اميركا في المنطقة من حروب، كانت إيران هي المستفيد الاكبر منها، فنظام طالبان الذي كان يشكل خطرا فعليا على حدودها الشرقية قد أطيح به، كما نظام صدام حسين في العراق، وبدل ان يعمل النظام الايران مستفيدا من  هذه التحولات الايجابية الكبرى وإزاحة أعظم عدوين لدودين من أمامها على تكريس جهوده للداخل وإنفاق ثرواته الهائلة على الإنماء والتطور وتحسين البنى التحتية المتهالكة، والعمل على رفاهية الشعب الإيراني، 


للاسف، شاهدنا كيف أن عقل هذا النظام بدد ثروات بلاده لإشباع شهوة التوسع والعمل على ما سمي "بتصدير الثورة "،  فلم يستجلب هذا الامر عليه وعلى المنطقة سوى الدمار والخراب والقتل والدماء.

 


 إقرأ أيضا : ماذا بعد انتخاب ابراهيم رئيسي؟

 

 

 


الان وكأن المجتمع الدولي، وفي مقدمته أميركا، حسم خياره وقرر تصحيح الاخطاء التاريخية التي أعطت ايران فرصة لم تكن لتحلم بها، واستغلتها للاسف بوجهها البشع 

 


إن عودة حركة طالبان للحكم، سيشكل بلا ريب، العصى الغليظة التي يراد تأديب النظام الايراني فيها، بالأخص اذا ما استعرضنا العلاقات الدموية التي سادت بين الجانبيين إبان سيطرة الحركة على افغانستان التي تصل طول الحدود مع جارتها  ايران الى ما يقارب 945 كلم 

 


بكل أسف، صرنا، نتطلع إلى أي عوامل قلق للنظام الإيراني، بوصفها عوامل إطمئنان للمنطقة، وبالتالي تحوّل القلق الايراني إلى مطلب، كونه ممرا اجباريا لعودة الاستقرارالى البلاد العربية التي عاثت فيها ايران خرابا، 
فالمقاتلون الافغان الذين استحضروا إلى سوريا لنصرة بشار الاسد ضد شعبه، ها هم اليوم يُنقلون على وجه السرعة إلى بلادهم ويتحضرون للقتال فيها، وها هي إيران نفسها تقوم بمناورة عسكرية ضخمة على الحدود الافغانية تحت مسمى "ضمان أمن الحدود "،، وإن كنت أستبعد فإنني لا أستبعد البتة نقل مقاتلين( خبراء ) من حزب الله اللبناني للدفاع عن أمن إيران الشرقية تحت يافطة " يا لثارات الهزارة " وبالتالي ومع إنشغال الحزب بجبهته الجديدة هناك، قد نجده مضطرا للتخفيف من سيطرته على لبنان مما يتيح بإفساح المجال قليلا لعودة الحياة السياسية، والضغط لايجاد حلول مؤقتة، منعا للإنزلاق الى الفوضى المرتقبة والغير مرغوبة كونه سيكون مشغولا وراء نهر السند .

وكذلك ستكون حال الحوثيين، حين يخف عنهم الدعم الوجستي الإيراني، فترتفع عندهم الحاجة ايضا إلى الذهاب نحو الحل السياسي الذي طالما رفضوه .

 

 

في الختام، وإن كنا نتمنى للشعب الأفغاني والشعب الإيراني  كل الخير والسلام، إلا أن المشهد القادم عندهم بكل أسف هو مشهد قاتم، ولان مصائب قوم عند قوم فوائد ... فقد يكون الإنسحاب الاميركي من افغانستان وعودة سيطرة نظام طالبان، هو بداية الفرج، فإنشغال إيران هناك، قد يكون بداية لتنفس الصعداء لشعوب المنطقة هنا  .