بدل أن يلوذ جهابذة الإعلام في القصر الجمهوري بالصّمت، الذي هو أفضل وأجدى في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، خاصّةً إذا كان الخزي والعار والكذب وتزييف الحقائق سينضح من بياناتهم الغوغائيّة، التي لا تزيد أمور البلد إلاّ سوءاً على سوء، وعلى رغم من قناعة معظم الفرقاء الروحيّين والسياسيين، بأنّ فريق رئيس الجمهورية، وفي مقدمهم الوزير السابق جبران باسيل، لا يريد قيام حكومة إنقاذية بالسرعة الممكنة وبرئاسة الرئيس سعد الحريري، وذلك لأسبابٍ عديدة، مشفوعة بأعذارٍ وادّعاءاتٍ شتّى، ورغم ذلك يخرج مكتب الإعلام في القصر الجمهوري ببيانٍ يستنكر تدخل بعض المرجعيات الدينية والسياسية في عملية تأليف الحكومة الجديدة، (ومن ضمنها مبادرة رئيس مجلس النواب)، أمّا عندما يتدخّل إخوان الصفا ( الخليلين مع وفيق صفا) في زياراتٍ مكوكية إلى مقر الصهر المُدلّل في البيّاضة، (وقيل في بعض أقبية القصر الجمهوري التي يحتلّها باسيل)، في محاولة بائسة لاسترضائه، وتطييب خاطره، وبذل أقصى ما يمكن لطمأنته على مستقبله الرئاسي، ونثر الورود والرياحين بين يديه، بما في ذلك ماء الوجه، فهذا لا يُعدُّ في نظر "حكماء" بعبدا خروجاً على الأعراف، وتدخّلاً فيما لا يعنيهم، والأنكى من كل ذلك أن آخر بيانات مكتب الإعلام في القصر الجمهوري حفلت بالإستنكار للمسّ بالمادة ٥٣ من الدستور اللبناني، المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية، خاصةً الفقرات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة، وكأنّ فخامة رئيس الجمهورية لم ينتهك هذا الدستور "المُقدّس" مرّاتٍ عِدّة: تعطيل تأليف الحكومات قبل الحصول على نزوات صهره الوزير جبران باسيل، تعطيل القضاء بتجميد التشكيلات القضائية، ورميها في سلة المهملات، وتعطيل المؤسسات الدستورية، والتّسبُّب بالخراب الشامل الذي تتخبط  فيه البلاد هذه الأيام الحالكة.

 

إقرأ أيضا : لا حول ولاقوة..

 

 


افضل نصيحة  يمكن أن تُسدى للرئيس عون الذي وقع الإنهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلاد في عهده "الميمون"، أن يلوذ مكتبه الإعلامي والقضائي بالصّمت، لأنّه لمثل هذه الحالات تناقلت الأجيال الحكمة المشهورة: إذا كان الكلام من فضّة، فالسكوت من ذهب.

 

قال الشاعر النمر بن تولب:

وقالت ألا فاسمع لِلَفظي وخُطبتي

فقُلتُ سمعنا فانطقي وأصيبي 

فلم تنطقي حقّاً ولستِ بأهله

فقُبّحتِ من قائلٍ وخطيبِ.