قدّم بالأمس الدكتور فؤاد أبو ناضر (قائد سابق للقوات اللبنانية) على شاشة قناة mtv مع الإعلاميّة منى صليبا، مُقاربات سياسية بائسة جدّاً، مقاربات يعود معظمها لفترات الحرب الأهلية التي ضربت لبنان في الربع الأخير من القرن الماضي، أو ما يرقى بعضها لعقلية ما قبل الحرب الأهلية، فرغم حدّة الأزمات الخانقة التي تحيط بالبلد، ويُعانيها اللبنانيون هذه الأيام، على اختلاف طوائفهم ومشاربهم ومناطقهم وارتباطاهم وأحزابهم، لم يرَ أبو ناضر حلّاً شافياً سوى العودة للتّقوقع الطوائفي، مع مزيدٍ من التّشرذم والإنقسامات بعيداً عن منطق الدولة والمؤسسات الشرعية، يكفي في نظره أن يتوحّد المسيحيون في منظمات تنموية اجتماعية تطوّعيّة، ترعى شؤونهم الحياتية، ولعلّ خير مثالٍ على ذلك يضربه أبو ناضر، هو ما يفعله حزب الله في بيئته "المُغلقة" لتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية والغذائية، بما فيها الأمان المالي والاقتصادي عبر مؤسسة القرض الحسن للرّعليا الشيعة،  فالشيعة في مناطق حزب الله هم "رعايا"، ليسوا مواطنين تقع واجبات رعايتهم على دولة سيادية مُوحّدة وسليمة، والأنكى من كل ذلك أن أبو ناضر يفترض رضا رعايا حزب الله واطمئنانهم إلى رغد العيش في ظلّ هيمنة حزبية تقودهم من معركة إلى معارك متواصلة، وهكذا يحسدنا أبو ناضر( أو يغبطنا والله أعلم على نِعَم الله وحزبه).

 


لم يُلاحظ أبو ناضر ما سبّبهُ الحلف المقدّس بين "أقوى" قائد مسيحي ماروني(يتربع اليوم على عرش الرئاسة الأولى) والحزب الإلهي الذي لا همّ عنده، كما يقول أبو ناضر، سوى تأمين حاجات جماعته وأنصاره، ولتذهب الدولة، التي وضع صاحبه(ميشال عون) وصاحب بشير الجميل في غابر الأيام، يده عليها إلى الجحيم.

 

إقرأ أيضا :في عيد التحرير..الجنوبيون في صفوف الهوان والذل أمام محطات الوقود.

 


لم تُفلح الإعلاميّة منى صليبا في تصويب خطاب أبو ناضر الطائفي، الذي تسبّب بالكوارث التي يئنُّ تحت وطأتها لبنان اليوم، رغم لفت نظره أكثر من مرّة، فيا سبحان الله، لن تجد عند من كانت قد أصابتهُ "لوثة عونية" في يومٍ من الأيام، ما يمكن أن يساهم في بناء وطن مُوحّد ومُعافى، أو يساهم في تنشئة مواطنين لبنانيين مُتساوين في الحقوق والواجبات.

 


قال هشام بن عبدالملك( أشهر خليفة أموي) لجُلسائه: أيُّ شيئٍ ألذّ؟ فقال له الأبرش بنُ حسّان: أأصابك جربٌ فحكَكْته؟ فقال عبدالملك: ما لكَ! أجربَ الله جلدَك، ولا فرّج الله عنك. وكان آنس الناس به.