نصّت المادة الرابعة، (المعدّلة بموجب المرسوم الإشتراعي الرقم 22/1985)، من قانون تنظيم القضاء العدلي، الصادر في المرسوم الإشتراعي الرقم 150/1983 تاريخ 16/9/1983، المنشور في «الجريدة الرّسمية» عدد/45/ تاريخ 10/11/1983، على ما حرفيّته: «يسهر مجلس القضاء الأعلى على حُسن سير القضاء وعلى كرامته وإستقلاله وحُسن سير العمل في المحاكم ويتّخذ القرارات اللازمة بهذا الشأن».

 

مما يفيد، أنّه وحتى يستطيع مجلس القضاء الأعلى أداء مهمّته، بالسهر على حُسن سير القضاء، وسير العمل في المحاكم، يجب أن يكون فريقًا مُتجانسًا، وليس فريقًا متناكفًا على الإطلاق.

 

فصحيحٌ أنّ النص القانوني لا يفرض الأخذ برأي رئيس مجلس القضاء الأعلى في مشروع مرسوم تعيين الأعضاء الخَمْسة. ولكن الأصّح يبقى وجوب الإستئناس برأيه في الأسماء المقترحة، حفاظًا على إنصهار المجلس وتجانسه. فلا يجوز إستقصاد تسمية عضو في المجلس أو أكثر، على خلاف مع رئيسه أو أعضائه الحُكميّين. حيث يتحوّل مجلس القضاء عندها ساحة مبارزة وتصفية حسابات، ما سيؤدّي حُكمًا إلى شلّه وتعطيله.

 

ألا يكفينا تعطيل المجلس الدستوري، حتى نؤسّس لِفعل تعطيل لِمجلس القضاء الأعلى؟.

 

وفي الخُلاصة، مجلس القضاء الأعلى لن يتمكّن من العمل والإنتاج، ما لم يكن فريقًا متآلفًا متناغمًا متجانسًا، أما خلاف ذلك سيؤدي حُكمًا إلى تعطيله. فهذا المجلس لا يقوم على المناكفات والتجاذبات والحسابات السياسية الضيّقة على الإطلاق.

 

لذلك، ندعو مَن يعنيهم الأمر، إلى وجوب الوقوف عند رأي رئيس مجلس القضاء الأعلى في التسميات، وإلاّ نكون كَمَنّ يعّد عبوة ستنفجر عاجلاً أم آجلاً، داخل أروقة قصور العدل، عنوانها تصفية حسابات، ومناكفات وشدّ حبال.

 

والمُضحك المُبكي في القضية، أنّ هناك مسعى إستثنائياً لتشكيل مجلس القضاء الأعلى، قبل تاريخ إنتهاء ولاية المجلس الحالي في 28 من الشهر الجاري، كلّ ذلك تحت عنوان «تسيير المرفق القضائي» و«عدم تعطيل السلطة القضائية» وباقة من العناوين الرنّانة الأُخرى.

 

لا شكّ في أنّ السعي الدؤوب لتشكيل مجلس القضاء الأعلى في المِهَل المحدّدة أمر مرغوب فيه. ولكن لكل مَن يُطلق هذه الشعارات والعناوين، من وجوب تسيير المرفق القضائي، وعدم تعطيل السلطة القضائية و...كذا... نقول، أين كُنتُم عندما إحتجز رئيس الدولة مرسوم التشكيلات القضائية في أدراج قصره؟

 

وما هو الأهّم للمواطن وللمتقاضي، تشكيل مجلس القضاء الأعلى، أم التشكيلات القضائية التي تسمح بإنطلاق عجلة القضاء؟

 

ألا نُعاني من تقصير من أداء المحاكم؟

 

أليس سبب ذلك عدم صدور مرسوم التشكيلات، وبقاء عدد من المحاكم شاغرة من القضاة بعد بلوغهم سنّ التقاعد، من دون تأمين البديل؟.

 

أليس سبب ذلك يعود إلى مناقلات حصلت لبعض القضاة من دون تعيين بدلاء عنهم بالإنابة؟

 

وبالتالي، ليس في الإستطاعة التعاطي مع المرفق القضائي غبّ الطلب. وليس في الإمكان الإستعجال في إصدار مرسوم، والإصرار على إحتجاز آخر ومصادرته. مما يقتضي معه، إصدار مرسوم التشكيلات القضائية أوّلاً، على أن يلي ذلك إصدار مرسوم تعيينات مجلس القضاء الأعلى.

 

أمّا لماذا الإصرار على وجوب إصدار مرسوم التشكيلات القضائية أوّلاً؟

 

فالجواب عن هذا السؤال بسيط، لأنّه ومع صدور مرسوم التشكيلات القضائية، سيُعيّن رؤساء بالأصالة لِغُرف محاكم التمييز، وسيمكن نتيجة ذلك إستكمال عديد مجلس القضاء الأعلى. لأنّ المطروح اليوم، مجلس قضاء أعلى مجتزأ ومبتور، وعديده لا يتجاوز الثمانية أعضاء. أما بعد إصدار مرسوم التشكيلات القضائية، فيُصبح في الإمكان إنتخاب أحد رؤساء غُرف محاكم التمييز عضوًا في مجلس القضاء الأعلى، وتعيين آخر تقترح إسمه معالي وزيرة العدل.

 

أمّا اليوم، فإنّ مجلس القضاء الأعلى، وفي حال صدور مرسوم تشكيله سيكون مُنتقص العدد، ومطعوناً بميثاقيّته المُتمثّلة بوجوب تمثيل الطوائف والمذاهب في صورة عادلة.

 

من هنا المطالبة:

ـ أوّلاً، إصدار مرسوم التشكيلات القضائية والإفراج عنه.

ـ ثانيًا، تنسيق أسماء القضاة المنوي تعيينهم مع رئيس مجلس القضاء الأعلى.

ـ ثالثًا، إصدار مرسوم تشكيل مجلس القضاء الأعلى، بعد إنفاذ ما ورد ذكره في البندين الأوّلين.

 

مُرّددين مع الحريصين على القضاء «العدل أساس الملك» حمى الله لبنان.


سعيد مالك