اطلق "الرهبر " اية الله علي خامنئي بعد اربعين سنة من السلطة، من اصلها ثلاثين من السلطة المطلقة، اطلق بيده “رصاصة على قدمه” . اذ عبر مجلس  صيانة الدستور الذي يعين خامنئي نصفهم ويختار النصف الاخر رئيس القضاء الذي هو حاليا ابراهيم رئيسي نفسه ، تم ببساطة الإبقاء على  ستة مرشحين زائد المرشح الأساسي رئيسي، وإلغاء ترشيح الاخرين من  ابرزهم علي لاريجاني وأحمدي نجاد وإسحاق جهانغيري وكافة الجنرالات وأبرزهم محمد سعيد قائد" مقر خاتم الأنبياء "، الذي يسيطر على ٧٥٪؜ من كل الاقتصاد الايراني عبر فروعه الممتدة من المقاولات والبناء الى النفط والغاز ، ولم يبق سوى محسن رضائي الذي ترشحه هو من خارج دائرة الجنرالات الحاليين، وقد "سمح" للجنرال حسين دهقان  مستشار خامنئي   بالانسحاب قبل صدور قرار الالغاء لانه من الصعب القول انه مستشار "الرهبر "ولا يحوز على الأهلية . 

 

 

   صادق لاريجاني رئيس القضاء سابقا لمدة عشر سنوات ( ٢٠٠٩- ٢٠١٩)، والركن المهم سابقا في الجمهورية مع شقيقه علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى  لدورات عديدة، قال عن "مجلس صيانة الدستور" الذي أخذ قرار منع علي لاريجاني وغيره من الترشح ان: "لأجهزة الاستخبارات دورا في اتخاذ قرارات مجلس صيانة الدستور"، ويبدو ان صادق لاريجاني العارف بشؤون وشجون وخبايا وخفايا المجلس وقراراته، يؤشر الى دور للسيد مجتبى ابن خامنئي الرجل الخفي والقوي في اجهزة الأمن كما يقال في طهران، في حصر الانتخابات او ما تبقى منها لمصلحة مرشحه وابن مدينته مشهد في شخص ابراهيم رئيسي …  

 

 

  عمليا انتهت الانتخابات قبل ان تجري، حتى مشهدية التنافس الديموقراطية، سقطت بالضربة القاضية امام نزع حق التنافس والغاء حضور ومشاركة الاصلاحيين والوسطيين من جهة و"العسكر"، من الجنرالات الجدد الذين كان ترشحهم اعلانا مباشرا وعلنيا لحضورهم القوي والمتجذر داخل الدولة، بعد ان اصبحوا طرفا اساسيا في تكوين ايران العميقة الحالي … وحتى لا يقال لا يمكن للرهبر خامنئي، ان يقوم او ان يوجه بتنفيذ "ذبح" هذا المشهد الديموقراطي، طالما ان له الكلمة الاخيرة والفاصلة في كل القرارات، تكفي العودة الى إسقاط توأمه السياسي هاشمي رفسنجاني، امام مجهول مثل احمدي نجاد (  اعترف نجاد بحصول التزوير بإضافة عدة ملايين من الأصوات لمصلحته )، وكتم أصوات محمد خاتمي ومهدي كروبي و مير حسين موسوي وَعَبَد الله نوري وغيرهم منذ اكثر من عشر سنوات … 

 

 

   أسئلة عديدة تحيط بقرار خامنئي، وهو السياسي المجرب والعارف لكافة التفاصيل الصغيرة للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، سواء مباشرة او عبر مكتبه ( يقدر عدد أعضاءه ب ١٢ الف منتشرين في أنحاء ايران وحتى خارجها بصفته الولي الفقيه ) والى جانب ذلك ان له الكلمة الاولى والأخيرة في صياغة وتنفيذ كل القرارات في الدولة، لماذا قام بحذف المشهد الديموقراطي لمصلحة "رجله" ابراهيم رئيسي ؟ هل الخوف من فشله كما حصل في مواجهة حسين روحاني؟ وهل الخوف من ان "سيف الوقت" لم يعد يملكه ويجب بالتالي ترتيب خلافته حسب القياسات التي يريدها ؟ وهل الخوف من العسكر والجنرالات وهو الذي كرس الكثير من سلطاته ونفوذه لتصعيدهم وجعلهم شركاء لا منفذين قد دفعه لإبعادهم عن الجلوس في منصة السلطة الشريكة؟ ممكن ان تكون هذه الأسئلة في واحد بالنسبة لخامنئي، وهو ما العمل لحفظ تاريخي في السلطة  ومستقبل ابني مجتبى، خصوصا وان الأسئلة كبيرة وخطيرة حول حجم ثروته، التي من احدى مؤشراتها الازمة مع لندن عندما جرى التهديد بتجميد حساباته وهي عدة مليارات من الجنيهات، وجرى حلها بتهديد احتلال السفارة البريطانية على غرار السفارة الامركية … 

   

 

   كل الأسئلة مشروعة لكن الكثير من الاجابات مجهولة حاليا بانتظار المستقبل … المهم الان ان يقطف خامنئي ومن يواليه خصوصا من المحافظين المتشددين ، ثمار اي اتفاق مع واشنطن التي تعني تدفق الأموال المحجوبة، وهي بحدود مائة مليار دولار الى جانب ضمان الحصول على عقود ضخمة في النفط والغاز، والاهم من كل ذلك تثبيت لدور إقليمي متعاظم نتيجة لكونها قوة اقليمية كبرى، لها حضورها المباشر وغير المباشر في الحزام الجغرافي الواسع والمتمدد الى افغانستان وايضا طاجكستان، وباقي ما يعرف بالجمهوريات الاسلامية في الاتحاد السوفياتي سابقا … بذلك يحظى بتعاطف وحتى ولاء الجزء الكبير من الشعب الايراني . 

 

  يبقى ماذا عن جنرالات "الحرس الثوري" وموقفهم في المستقبل ؟ 

 

   يبدو ان سياسة إغراقهم وابعاد طموحاتهم عن يوميات الامساك بكل السلطة، وهم الذين اصبحوا يحتلون أهم المواقع التنفيذية والتشريعية،   سيتم في تنفيذ سياسة تضخيمهم عسكريا وخصوصا تسليحهم وتغذية طموحاتهم في هذا المجال ( مثل ان ايران اصبحت خامس دولة في العالم  في تصنيع الغواصات)،  اضافة الى المشاريع الاقتصادية الضخمة لإنهاض البلاد من الفقر والبطالة والفساد، مما كشفه جهانغيري نائب رئيس الجمهورية في كلمته عند ترشحه… وبذلك يتم ضمان ولاءهم ولو الى حين.

 

موقع Mustaqbal Web