من بديهيات القول أن وجود التنظيمات الاسلامية السياسية، هو حاجة استراتيجية لإسرائيل، أولا من أجل أدلجة الصراع وتحويله إلى صراع ديني، فتتحول الغاية والمبرر لتحرير القدس من قضية حرية وتحرر من جور احتلال إلى قضية صلاة في المسجد الاقصى (وكأن المسلمين لا يصلون فيه الآن).
 

أدرك اليهود مشروعهم الإستيطاني بعد تنبؤات توراتية وجهد كبير بذلوه لسنيين حتى أذعن لهم الغرب طوعاً ومنحهم أرضاً وأسّس لهم كياناً هو الآن الأقوى في المنطقة الأوسطية ويحظى بدعم هائل من كل دول العالم الأوّل وتحميه أكثر دول العالم الثالث وقد لعبت الأنظمة العربية ومازالت الدور البارز في دعم هذا الكيان وبطرق شتى وتحت سيل من الشعارات وهذا ما تناوبت عليه الأنظمة الرجعية والأنظمة التقدمية وعلى حدّ سواء .

 


فاز شعب الله المختار بحسب الأصول اليهودية او من كان مختاراً بحسب الأصول الإسلامية في أرض فلسطين وبواسطة سياسات المكر والخداع وعمليات القتل وتسهيلات الغرب التي فسحت الطريق أمام الإستيطان ولمّت شمل اليهود في العالم في أرض الميعاد وكان للهجرات اليهودية دوراً في التكاثر اليهودي لتعديل الميزان الديمغرافي مع الفلسطينيين العرب .

 


منذ النكبة ووصولاً الى غزّة واليهود يستبيحون الدم الفلسطيني والعربي ويجدّد الغرب لليهود أدوات القتل ويبرر لهم سياسات الأرض المحروقة وتبرز دول مثل أميركا كشريك مباشر في الجرائم المرتكبة ومثل روسيا كشريك غير مباشر من خلال التزامه بأمن " اسرائيل " وتحت حجّة الأمن ينفّذ العدو قتلاّ وتدميراً للبشر و الحجر بحيث استمرت سياسات التهجير والتجزير ولم تتوقف منذ الإحتلال الأوّل وحتى اللحظة المسكونة بهواجس اسرائيلية شيطانية .

 

 


حصل شعب الله المختار على كل مايلزم لبناء " دولة" هي الأقوى بفعل أميركا وغير أميركا وبفعل العرب وغير العرب ويبدو الإلتزام الأميركي و الغربي عموماً والروسي بأمن اسرائيل طبيعياً على ضوء لعبة المصالح التي تتحكّم بأخلاقيات هذه الدول ولكن الجريمة تكمن في شعب الله المحتار من الفلسطينيين الذين فشلوا في تجربتهم بعد أن استحكمت فيهم الخلافات الحزبية والسياسية داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية تلبية لنداءات عربية جعلت من الفلسطينيين جهات متعددة تبحث عن فلسطين في ممرات عربية كما فعلوا في الأردن وفي لبنان وفي الكويت وفي ما اختلفوا فيه بعيد أوسلو ونشأة السلطة الفلسطينية برغبة اسرائيلية عكست صورة الخلاف القائم ما بين حركتي فتح وحماس والذي أدّى الى قيام سلطتين متقاتلتين أكثر مما هما على خلاف مع العدو وهذا ما تبيّن على مدى سنوات الخلاف الدامي وفشل مبادرات حل المشكلة بين سلطة القطاع وسلطة الضفة وكلاهما سلطتين واهمتين اذ أن العدو وحده الحاكم والمتحكم بالسلطتين .

 


ما انطبق على الفلسطينيين ينطبق أيضاً على العرب بحيث نزعوا نحو يهودية فلسطين تبعاً لسياساتهم المسنة في تكريس العداوت في ما بينهم وتثبيت خيارات الأنطمة في استمرارها دون تعديل يُذكر بإستغلال القضية الفلسطينية وتلبية شروط الصراع مع العدو وفق حاجات السلطويات القائمة باسم الوحدة والحرية والإشتراكية .

 


بقيّ العرب شعب الله المحتار في قضية استنزفها بحسب حاجته فمنهم من مشى مع عملية السلام الهشّة ومنهم من رفض السلام باعتباره استسلاماً ولازم موقعه في الدفاع عن فلسطين بما يحمي استمراره في الحكم وهذا ما أوصلنا الى ما نحن عليه من واقع يتصور الهزيمة التاريخية انتصاراً .

 


وبقي اليهود شعب الله المختار بدقّة لأهدافه التي منحته في السابق فلسطين وأراض عربية وتمنحه اليوم قوّة السيطرة والمصادرة لأمن منطقة الشرق الأوسط في كل وجوهه وقطاعاته بحيث أن التوازنات الدولية والإقليمية القائمة ترعي بإستمرار أهداف اسرائيل الشيطانية على حساب الشعوب العربية عموماً والفلسطينية خصوصاً .