من بديهيات القول أن وجود التنظيمات الاسلامية السياسية، هو حاجة استراتيجية ل، أولا من أجل أدلجة الصراع وتحويله إلى صراع ديني، فتتحول الغاية والمبرر لتحرير القدس من قضية حرية وتحرر من جور احتلال إلى قضية صلاة في المسجد الاقصى (وكأن المسلمين لا يصلون فيه الآن).
 

السؤال الأكثر إلحاحا هذه الايام هو عن مآل الحرب الدائرة في قطاع غزة وكيف ستنتهي؟ 


وبالرجوع قليلا الى سياقات الامور، وماذا يريد طرفي النزاع (حماس – اسرائيل)  يمكننا ببساطة الاجابة الآن عن هذا التساؤل، فمن بديهيات الامور أن اسرائيل لا تريد كسر حماس أو القضاء عليها وعلى حكومتها في غزة، لأن هذا الامر لو كان واردا عند الاسرائيلي فهي لا تحتاج الى كل هذه الجلبة وكل ما يجري الآن من حروب وقصف وقتل ودمار، بل يكفي أن تقطع اسرائيل عن غزة كامل سُبل الحياة، فمياه الشرب التي تروي غزة والغزاوويين هي من اسرائيل، والكهرباء التي تُستعمل لصنع الصواريخ وكل المعامل الغزاوية هي من اسرائيل، حتى أن رواتب مقاتلي حماس وشرطة حماس وموظفي حماس، انما تأتي اليهم كما هو معروف وكما قال نبيل أبو ردينة عبر مطارات اسرائيل.

 


حتى أن قيادات حماس وفي مقدمهم رئيس حكومتها اسماعيل هنية ونائب رئيس المكتب السياسي موسى ابو مرزوق وغيرهم من المسؤولين الموجودين الآن في الخارج، إنما سمح لهم أن يخرجوا من القطاع عبر المعابر والحواجز الاسرائيلية للحفاظ على حياتهم.


 
وأمام هذه الحقائق، يمكننا الجزم أن اسرائيل هذه، مهتمة أيما اهتمام بالابقاء على حماس واستمرارها وحتى تقويتها، ولكن بنفس الوقت أن لا تخرج من الدائرة المرسومة لها ولدورها في شق عصا الشعب الفلسطيني من خلال صراعها مع السلطة الفلسطينية أولا وأخيرا، وأيضا من خلال ما تحمله من فكر اسلامي يؤهلها كما كل الحركات الاسلامية أن تدمر المجتمع الفلسطيني وتعيده قرونا إلى الخلف.

 

 

إقرأ أيضا : بين محمد طحان، والميقاتي

 


 
فمن بديهيات القول أن وجود التنظيمات الاسلامية السياسية، هو حاجة استراتيجية لإسرائيل، أولا من أجل أدلجة الصراع وتحويله إلى صراع ديني، فتتحول الغاية والمبرر "لتحرير القدس" من قضية حرية وتحرر من جور احتلال الى قضية "صلاة" في المسجد الاقصى (وكأن المسلمين لا يصلون فيه الآن).

 

وعليه، أيام قليلة وتتحول الاخبار العاجلة القادمة من فلسطين المحتلة، من أخبار التغني والتباهي ونشوة مشاهد الصواريخ المتساقطة على المدن الاسرائيلية، و "هزيمة" إطلاق صفارات الانذار، أو مشاهد جنود منبطحين على الارض!! أو مدنيين يهرولون إلى ملاجئهم (المعدة لهم أصلا لهذه الايام والمتدربون عليها)،  بكل أسف إلى أخبار عن حجم الدمار والمجازر التي يفتعلها العدو الاسرائيلي الغاشم، وتنطلق من جديد العبارات القديمة الجديدة  "بكشف اسرائيل عن وجهها الحقيقي"!!، ونكتشف للمرة الالف  "وحشية هذا العدو "!!، ونتفاجأ للمرة المليون "بضرب اسرائيل للقوانيين الدولية عرض الجدار"!!، وننصدم للمرة المليار "بانحياز الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي لجانب اسرائيل"!! 

 

 

حينها، وبعد أن يحقق ينيامين نتنياهو فوزه السياسي على أخصامه في الداخل، ويحقق الايراني الحد الادنى من مراده في فيينا، وينتشي قادة حماس من عدد الشهداء  تقبل حينئذ حماس بما يشبه 1701 غزاوي، على ان فتستدير هي الاخرى بكامل سلاحها الى الداخل لعقود من الزمن، مع دفعة معنوية من "انتصار الهي" جديد، وتبدأ برفع الانقاض وتلقي الدعم المالي لاعادة الاعمار مما يثبت حكومتها كثر فأكثر إلى حين الجولة الجديدة بعد سنوات.  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .