من الواضح انّ الارتفاع في حرارة الحدود الجنوبية اللبنانية على وقع المواجهة في الاراضي المحتلة هو من النوع الذي يمكن احتواؤه ومنع تفاقمه، خصوصا ان هناك قراراً متخذاً لدى «حزب الله» والفصائل الفلسطينية الاساسية بعدم فتح جبهة الجنوب في هذه المرحلة لانتفاء الضرورة.

 

تتواصل معركة «سيف القدس» بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي على امتداد الاراضي المحتلة، مُنهية اسبوعها الأول بعلامات فارقة عدة أبرزها صواريخ غزة المتطورة والعابرة للمسافات الجغرافية والقبة الحديد، وسط إصرار حركتَي «حماس» و»الجهاد الاسلامي» على ربط وقف إطلاق النار بالكَف عن كل أشكال الاعتداء على القدس.

 

واذا كان استمرار القتال يُبقي باب المنطقة مشرّعاً على كل الاحتمالات، الا ان مطلعين يستبعدون التدحرج نحو حرب شاملة وان كان الجميع يستعدون لها.


 
 

وبينما اتصل رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف برئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية مؤكدا وقوف طهران الى جانب الفلسطينيين، علم ان قائد فيلق القدس اسماعيل قآني أبلغ إليه خلال اتصاله به رسالة دعم قائلاً له: «لا تقلقوا، كل ما يمكن أن تخسروه في هذه المعركة سنعوّضه عليكم».

 

ويؤكد قيادي في حركة «حماس» ان «المقاومة بخير ولا تزال تمسك بزمام المبادرة، وهي لم تكشف بعد كل أوراقها ولم تستخدم كل ما في جعبتها، بينما العدو في أزمة وورطة تكبران مع مرور الوقت». ويشدد على «أن لدى «حماس» من الصواريخ ما يسمح لها بالاستمرار في قصف تل أبيب وغيرها من المناطق بوتيرة يومية لفترة تتجاوز الستة أشهر، بينما قدرة المستوطنين على التحمل والصبر هي اقل بكثير».

 

ويوضح المصدر القيادي في «حماس» انّ «هناك تواصلا مستمرا مع محور المقاومة للتشاور في التطورات»، مشيرا الى ان الظروف غير مؤاتية في الوقت الحاضر لفتح الجبهات الأخرى، «ولا حاجة أصلاً الى ذلك لأن موقفنا الميداني جيد وليس هناك ما يدعو الى القلق، والعدو لا يتجرأ على التقدم البري لمعرفته بأن الثمن سيكون باهظاً».

 

ويلفت الى ان فتح الجبهات سيحصل عند اندلاع حرب التحرير الكبرى «امّا المعركة الحالية فهي تمهّد للتحرير ونحن نستطيع أن ننهض بأعبائها ومتطلباتها لوحدنا»، مُلاحِظاً ان «هذه المعركة أظهرت هشاشة العدو على مختلف المستويات وكشفت نقاط ضعفه الاساسية التي يدرسها محور المقاومة، للخروج بالاستنتاجات والدروس اللازمة».

 

ويضيف: «لا نطلب من أحد أن يفتح جبهة عسكرية سواء في الجنوب او غيره، ونحن نترك لحلفائنا في محور المقاومة تقدير أشكال المساندة التي يمكنهم تقديمها، علماً ان ما نريده حاليا هو الدعم السياسي والمعنوي على نطاق واسع وتفعيل الحراك الشعبي والتظاهرات الجماهيرية من قلب العواصم العربية حتى الحدود مع كيان الاحتلال لأنّ هذا النوع من التفاعل يرفع معنويات الشعب الفلسطيني ويعزز صموده، خصوصاً ان القدس التي تشكل جوهر المواجهة الحالية تعني الجميع في العالم العربي من مسلمين ومسيحيين ولا تخصّ الفلسطينيين فقط».

 

ويؤكد المصدر «ان «حماس» ليست في حاجة إلى إطلاق بضعة صواريخ من جنوب لبنان، ولا علاقة لها بما جرى على هذا الصعيد قبل أيام، خصوصاً انها تملك صواريخ نوعية ومتطورة تستطيع إصابة اي مكان على امتداد مساحة كيان الاحتلال، من تل أبيب وصولاً الى مطار رامون الواقع على بعد 220 كلم عن غزة الذي جرى استهدافه اخيراً بنجاح على يد كتائب القسام. وبالتالي، فإنّ القصف من خارج الحدود ليس ضروريا في ظل موازين القوى التي أرسَيناها في الداخل».


 
 

وتعتبر الشخصية القيادية في «حماس» انّ اي تهدئة يجب أن تسبقها معالجة للأسباب التي ادت الى اندلاع المواجهة، كاشفة انه تم «إبلاغ الوسطاء بوجوب ان يوقف نتنياهو الإجراءات التعسفية والعدوانية في بعض أحياء القدس والمسجد الأقصى حتى نعود الى التهدئة، فهذه معادلة ثابتة بالنسبة الينا وعلى نتنياهو ان يعلم أنّ المدينة المقدسة خط أحمر».

 

ويشدد القيادي على أن «صواريخنا ليست مخصصة فقط للدفاع عن غزة بل من واجبنا أيضاً حماية القدس بكل ما تمثّله من دلالة ورمزية، وأهم ما حققناه في هذه الجولة هو اننا نجحنا في تثبيت قاعدة ربط القدس بغزة، وصولاً الى استنهاض الضفة الغربية واراضي الـ48 والشتات وحتى الأمة كلها». ويضيف: «عندما كانت الانتهاكات في حق المسجد الاقصى وحي الشيخ جرّاح تتصاعد منذ بداية شهر رمضان، رفعنا الصوت محذّرين ومطالبين بوقفها، الا ان المجتمع الدولي لم يكترث للأسف، امّا عندما باشَرنا الرد عبر إطلاق الصواريخ على مدن الاحتلال ومستعمراته بدأت الاتصالات بنا».