بعد أن فقدنا الأمل وبتنا على يقين تام بأن السياسيين في لبنان يبحثون عن الإستثمار حتى في عظامنا وفي مقابرنا ويحاولون الإستفادة من بلد ميّت فينشغلون في بيع أعضائه لأيّ مشتر يحتاج الى قطع غيار لدولة ناقصة أو لمختبرين يجرون الفحوصات اللازمة على أحياء شبه أموات للإنتفاع من علم التجربة .

 


أذاقنا السياسيون مرّ تجارتهم وتجاربهم وباعونا بأرخص الأثمان وباعوا الوطن أيضاً لأكثر من مرة حتى وصلنا الى ما نحن عليه من جثث مكدّسة في مقابر الحكومات المتعاقبة وفي توابيت الطوائف التي توزع علينا بخور الصلوات كي نستفيق سكارى وغير سكارى على صراط أوامر سرواتهم من كبار القوم .

 


بعد أن انتهى السياسيون من بقاينا وما عُدنا السلعة الدسمة بالنسبة لهم تركونا لوجههم الآخر للصوص من ماركة ثانية لتجّار فجّار يمتهنون فنون السرقة وعلى عينك يا حكومة تماماً كما فعل السياسيون وعلى أعين الجميع من الداخل والخارج  وهم بذلك يؤكدون معاً سواسيتهما في الخراب والدمار والفتك بالحجر والبشر دون ضمير لإفتقادهما له ودون رادع قانوني لوجوده خدمة لمصالحهما ودون خوف من أحد كون أيّ أحد يخافهما حتى الله يخشاهما لقدرتهما على شيطنة الله لإمتلاكهما سلطان السياسة والدين وعندهما كهنة يفتون لهما وفيهما فقهاء يجوّزون لأنفسهم كل شيء مادام يخدم مصالحهم ألم نسمع أمساً بواعظ سوري يشهد بأن بشّار سيّد البشر وهتف معه هتّافون نملك منهم العدد الوافي والكافي لجعل كل ذي شأن سيداّ للبشر وإن لم يعجبك ذلك فالسجن والإغتيال والتكفير والتخوين أدوات جاهزة وكافية كي تصلي وراء كهنة الأصنام الجديدة لصنم صغيرهنا وكبير هناك .

 

إقرأ أيضا: باسيلوف

 


هكذا علقنا بين فخيّ السياسة والتجارة وبين فكيّ التاجر السياسي والفاجرالرأسمالي وبتنا الذبائح اليومية لهما حتى أسلمنا وأسلسنا لهما ودون مقاومة تُذكر لإستحالة الوقوف بوجة تجار تحميه شبكات متعددة الإختصاصات من الفقهاء الى السفهاء وبوجه فاجر تحميه الشبكات نفسها لأنّه امتداد طبيعي وحيوي لسيده السياسي .

 


ثمّة من يساعد هؤلاء على مصّ دمائنا من مستفيدين وسماسرة يلوذون بديني الفاجر و التاجر ويبررون لهما كل ما يقومان به من شرور. لذا تتكاثر علينا ذباب الطوائف وجراد الأحزاب بعد أن نهشت بعظامنا الكلاب الشاردة .
بئس بلد محكوم بمافيات محتكرة حتى لرغيف الخبز و لأرخص السلع وأدناها وهي تملك قوّة فعل ما تشاء دون رقيب أو حسيب لتمتعها بمواصفات كاملة غير منقوصة وطبقاً للأنظمة المعمول بها بحيث أنّها لا تخالف مزراب العدل بقدر ما يعطيها ميزان العدل كفتي الميزان بحيث تزن بما يناسبها وما يصلح لها ولأحوالها ولمصالحها لهذا سميت الدولة العربية بالمزرعة القديمة والمحكومة بكلاب الحراسة والمملوكة لشخص أو عائلة .