في ظل كل هذه الاجواء استؤنفت عند العاشرة قبل ظهر امس في رأس الناقورة المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل في جلستها الخامسة برعاية الأمم المتحدة، وبوساطة أميركية. وقد انعقدت هذه الجلسة على مرحلتين الاولى قبل الظهر والثانية بعده، وامتدت متقطعة حتى الثالثة والنصف عصراً ورفعها الجانب الاميركي بعدما أصرّ الجانب اللبناني على ضرورة مراجعة رئيس الجمهورية في ضوء ما طرح في الجلسة، وخصوصاً في مرحلة بعد الظهر بعدما أصرّ الجانب اللبناني على طرحه متمسّكاً بالنقطة 29 والمطالعة القانونية المتوافقة مع قانون البحار التي تحفظ حقه في حدوده البحرية وفي كل نقطة مياه، وفقاً لما هو متعارف عليه دولياً.

 

وعاد اعضاء الوفد مساء الى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء، حيث أطلعوه على المداولات التي تمت خلال الجلسة بمرحلتيها بمشاركة الوفد الأميركي. وقالت معلومات رسمية لمكتب الإعلام في قصر بعبدا انّ الوفد ابلغ الى رئيس الجمهورية جديد موقف الوفد الاميركي الذي طلب رئيسه ان يكون التفاوض محصوراً فقط بين الخط الإسرائيلي والخط اللبناني المودعَين لدى الأمم المتحدة، أي ضمن المساحة البالغة 860 كيلومتراً مربعاً، وذلك خلافاً للطرح اللبناني من جهة ولمبدأ التفاوض من دون شروط مسبقة من جهة ثانية.


 
 

واضافت المعلومات انّ عون أعطى توجيهاته الى الوفد بأن لا تكون متابعة التفاوض مرتبطة بشروط مسبقة، بل اعتماد القانون الدولي الذي يبقى الأساس لضمان استمرار المفاوضات للوصول الى حل عادل ومنصف يريده لبنان حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا والاستقرار، وعلى حقوق اللبنانيين في استثمار ثرواتهم.

 

وفي معلومات "الجمهورية" انه كانت هناك فوارق كبيرة بين محطتي المفاوضات في جلستي قبل الظهر وبعده. ففي جلسة قبل الظهر، كانت اجواء المفاوضات سلسلة وهادئة فقدّم الجانبان اللبناني والاسرائيلي عرضاً مفصلاً عن موقفيهما بأدقّ التفاصيل. وبعدما كرر الموقف اللبناني عرضه التقني والعلمي للخط 29 والإحداثيات التي اعتمدت على ما يقول به قانون البحار، ردّ الجانب الإسرائيلي بعرض قراءته القديمة للموقف. وباستثناء اي اشارة الى الخط 310 الوهمي الاسرائيلي، أعاد الجانب الإسرائيلي اتهاماته بتغيير لبنان للخطوط والنقاط البحرية المعتلمة أكثر من مرة، واعاد التذكير والتأكيد على اعتراضه على الخط 29 مصرّاً على النقاش حول مساحة الـ 860 كيلومترا مربعا المختلف عليها في الجلسات السابقة وما بينهما خط هوف الذي لم يأت أحد على ذكره إلّا بنحو عابر من ضمن الإشارة الى وقائع المفاوضات السابقة. وبعدها رفعت الجلسة لاستراحة الغداء، فتناول كل وفد غداءه منفردا كما جرت العادة في الجلسات الاربع السابقة.

 

وفيما اعتقد الجانب اللبناني انّ المفاوضات انطلقت بحرية تامة ومن دون اي شروط مسبقة، وبعدما سجل للوفدين الاميركي والاسرائيلي إصغاء له وكأنهما يستمعان الى العرض للمرة الأولى انقلبت الصورة رأساً على عقب في جولة بعد الظهر، وأصرّ الجانبان الاميركي والإسرائيلي معاً على حصر المفاوضات ما بين النقطة 1 والخط 23 المسجلين لدى الأمم المتحدة بالوسائل المعتمدة وأصرّا على التنكر لما طرحه الوفد اللبناني عن النقطة 29 وكأنه لم يكن.

 

وبعد فترة من المناقشات التي اصطدمت بما يمكن تسميته انقلابا مشتركا اميركيا ـ اسرائيليا على كل ما شهدته جولة قبل الظهر، طلب الوفد اللبناني رفع الجلسة ليعود الى القيادة السياسية، فكان له كما اراد وعاد الوفد الى بعبدا.

 

وعلمت "الجمهورية" انه وفي الوقت الذي كان مقرراً ان تستمر المفاوضات ليومين انتهت الجلسة الخامسة امس ولن تعقد السادسة اليوم، إذ كان الوفد الأميركي ينوي ان تستمر ليومين لو وافق الجانب اللبناني على الطرح الذي واجهه به.


 
 

وعلمت "الجمهورية" ان عون أنهى الاجتماع بالوفد اللبناني المفاوض بتأكيد على أنه سيجري الاتصالات اللازمة بالجانب الاميركي من اجل التفاهم على المرحلة المقبلة. وإذا نجحت الإتصالات التي سيجريها الرئيس عون بالمسؤولين الأميركيين وسقطت الشروط الاميركية والاسرائيلية يعود الوفد الى المفاوضات.

 

وكان الوفدان اللبناني والأميركي قد وصلا من مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت إلى الناقورة في طوافتين عسكريتين. وشهدت الناقورة والساحل الجنوبي دوريات مكثفة للجيش وقوات "اليونيفيل"، إضافة إلى دوريات بحرية وجوية لمروحيات "اليونيفيل"، وتزامنَ ذلك مع تحليق مكثف للطيران الاسرائيلي فوق الناقورة والبحر، أثناء انعقاد جلسة التفاوض.

 

وبالتزامن، نظمت "المجموعات السيادية في حراك 17 تشرين" تظاهرة في ساحة الشهداء أمس، مطالبة عون بـ"توقيع المرسوم 6433 تحت شعار "التفريط بحقوقنا النفطية خيانة"، معتبرة "أن صفقة ملف النفط وترسيم الحدود هدية للعدو الاسرائيلي".