في اعتقادي، هذه المنصة ستنعف ما تبقّى من ودائع الناس. وسيتشارك فيها مصرف لبنان والبنوك العاملة بحجة الحفاظ على سعر العشرة آلاف ليرة للدولار. لو كان بإمكان مصرف لبنان أن يحافظ على هذا السعر لماذا انتظر حتى نفاد احتياطاته من الدولار؟
 

من فرط سذاجتنا، اعتقدنا لوهلةٍ أنّ الطبقة السياسيّة الحاكمة قد دبّت في قلوبها الرحمة بقدرة قادرٍ على كلّ شيءٍ وراحت تفكِّر في أحوال الأشدّ فقرًا، وهم غالبيّة الشعب اللبناني، فقرّرت أن تدعم ٣٠٠ سلعةً حتى يستطيع المواطن الغلبان أن يستمرَّ في حياته. لكنّ العقليّة الشيطانيّة التي استحوذت على عقول الفاسدين لا تتغيّر ولن تتغيّر، بل تمادت في طغيانها. فكان الدعم! وكان النهب!

 

 

طرُقٌ ثلاثةٌ كانت وسيلةَ النهب المستمر عبر مصرف لبنان. طبعًا، هناك طُرُقٌ أخرى من خارج مصرف لبنان لن نتحدث عنها:

 

 

١-تثبيت سعر صرف الليرة:

لم يكن هذا التثبيت من الأرباح التي كان يحقِّقها مصرف لبنان من عمليّاته الماليّة، بل كان بالغَرْف من ودائع الناس. وقد ثبّت مصرف لبنان الليرة اللبنانيّة تثبيتًا حديديًّا لمدة عقدين ونيِّف. وبينما كانت عملات الكون تتأرجح هبوطًا وصعودًا بالنسبة إلى الدولار، كانت الليرة اللبنانيّة تنعم باستقرارٍ لا مثيل له، لكن بفضل ودائع المودعين حتى تآكل جزءٌ كبيرٌ من هذه الودائع! وكانت المؤسّسات الماليّة العالميّة، وزيادةً في التعمية، توزّع جائزة أفضل حاكم بنك مركزيٍّ في العالم لصاحب تلك "العبقريّة الفذّة" التي قضت على ودائع الناس. طبعًا لم يكن ذلك بالمصادفة. فقد كان المطلوب انهيارَ لبنان وإفلاسه. وبفضل هذا التثبيت الحديدي حقّق كبار المودعين والطبقة السياسيّة فوائدَ خياليّةً من إيداعاتهم بالليرة اللبنانيّة.

 

 

٢-دعم السلع الأساسيّة:

حتى تستطيع تهريب المال إلى الخارج وتوزيع المغانم على التجار، وهم بالمناسبة وجوهٌ مقنّعةٌ للطبقة السياسيّة، كان لا بدّ من البعط، كان لا بد من متابعة ذبح الودائع عبر جريمة الدعم المستمرة. حوالي عشرة مليارات طارت بحجة الدعم. وأعتقد أنّ الشعب اللبناني لم يستفد سوى بعشرةٍ بالماية من مسلسل الدعم المشؤوم. وعبر الدعم والتهريب جنى التجار أرباحًا خياليّةً واستطاعوا تهريب جزءٍ كبيرٍ من أموالهم إلى الخارج لتستقرّ في البنوك الأجنبيّة من دون أن تعود إلى لبنان. وكأنّ المطلوب إفراغُ لبنان من كل دولار!

 

 

 ٣-والآن الجريمة الثالثة عبر المنصة العتيدة:

 

في اعتقادي، هذه المنصة ستنعف ما تبقّى من ودائع الناس. وسيتشارك فيها مصرف لبنان والبنوك العاملة بحجة الحفاظ على سعر العشرة آلاف ليرة للدولار. لو كان بإمكان مصرف لبنان أن يحافظ على هذا السعر لماذا انتظر حتى نفاد احتياطاته من الدولار؟ 


من هنا، أعتبر أنّ المنصة ستكون بابًا ثالثًا من أبواب النهب المنظّم لودائع الناس.