بعد عام ونصف من التأخير، يبدو انّ بوادر مشروع قانون الكابيتال كونترول بدأت تتظَهّر، ووفق ما كشف يصح فيه القول «من له يُعطى ويزاد ومن ليس معه يؤخذ منه». فالقانون اذا ما أقرّ كما هو سيزيد من خسائر المودعين. والسؤال، اذا مرّ هذا القانون في المجلس النيابي هل سيمر لدى صندوق النقد الذي يشترط وجود مثل هذا القانون للتعاون في أي خطة للانقاذ؟

جرى امس تسريب اقتراح قانون معجل مكرر أعدّته لجنة المال والموازنة يرمي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقديّة. قد يكون الهدف من التسريب جس النبض حوله، واستيعاب الآراء قبل الإعلان عنه رسمياً وتوزيعه على النواب. وفي ما يلي ابرز ما تضمنه اقتراح المشروع:

 

المادة الأولى: حظر التحاويل والسحوبات

1- تحظّر التحاويل إلى خارج لبنان من الحسابات المصرفية، بجميع أنواعها، بما فيها تلك العائدة لعملاء المصارف العاملة في لبنان وللمصارف وللمؤسسات المالية كافة، وذلك باستثناء الحالات المحدّدة بموجب هذا القانون. يشمل هذا الحظر حسابات الودائع الائتمانية الموظفة في لبنان.

2- لا تتمّ سحوبات الأوراق النقدية (Banknotes) من الحسابات المصرفية بجميع أنواعها، بما في ذلك حسابات الودائع الائتمانية بأي عملة كانت، إلّا بالليرة اللبنانية باستثناء البند 3 ادناه، ووفقا للشروط التالية:


 
أ - يحدد سقف السحوبات للمودعين بمبلغ 20 مليون ليرة لبنانية شهريا من مجمل حساباته في المصرف.

ب - يمكن للمجلس المركزي لمصرف لبنان، بعد التشاور مع وزير المالية، تعديل هذا السقف كلما دعت الحاجة تعزيزا لقدرة المودعين على التصرف بودائعهم.

ج - من أجل تأمين السيولة بالليرة اللبنانية للمودعين بالعملة الأجنبية من أجل تغطية البند «أ» و»ب» اعلاه، على مصرف لبنان، ومن أجل تحديد سعر التحويل لكل عملة اجنبية، اعتماد معادلة خاصة تأخذ في الاعتبار اسعار السوق الرائجة التي تكون قد حددتها المنصة للتبادل الحر، والتي يجب إنشاؤها لهذا الغرض من قبل مصرف لبنان.

3- ان السحوبات النقدية للرواتب تبقى خارج السقف المحدد في الفقرة أ من البند 1 أعلاه.

4- يجوز لأصحاب الودائع بالعملة الأجنبية، باستثناء التي تكونت من تحويلات من الليرة اللبنانية بعد 2016، ان يؤمن لها سحوبات نقدية شهرية بالعملة الاجنبية لا تتعدى قيمتها 50% من قيمة السحوبات بالليرة اللبنانية المُشار اليها في الفقرة 2 أعلاه، وتدخل ضمن المبالغ القابلة للتحويل الى الخارج وفقاً لأحكام المادة الثالثة.

5- يُمنع تحويل الحسابات المصرفية بجميع أنواعها من الليرة اللبنانية إلى أي من العملات الأجنبية الأخرى إلا في حال توفر التغطية النقدية الكافية لذلك لدى المصرف المعني، والتي تقوم لجنة الرقابة على المصارف بالتأكد من توافرها.

 

المادة الثانية: الاستثناءات

تستثنى من تطبيق أحكام المادة الأولى أعلاه ما يلي:

1- «الأموال الجديدة» التي حوّلت من حسابات مصرفيّة خارج لبنان إلى حسابات عائدة لعملاء المصارف العاملة في لبنان أو تلك التي أودعت أوراقاً نقدية (Banknotes) في هذه الحسابات.

2- أموال المؤسسات الماليّة الدوليّة والسفارات الأجنبية والمنظمات الدوليّة والإقليميّة والعربية.

 

المادة الثالثة: الاستثناءات المشروطة

أولاً: عملاً بأحكام البند (1) من المادة الأولى أعلاه، تحدد الحالات والشروط الواجب توفرها بغية تمكين أي صاحب حساب في مصرف عامل في لبنان بتقديم طلب استثنائه من حظر تحويل بعض أمواله المودعة، والتي هي ليست من الأموال الجديدة، إلى الخارج بما يلي:

1- ان يكون حساب العميل المطلوب التحويل منه دائناً بالعملة المطلوب التحويل فيها ومستحق الأداء، وأن يسمح رصيده بإجراء التحويل المطلوب.


 
2- ان يهدف التحويل الى إحدى الغايات التالية حصراً وبحدود ما يلزم لتحقيقها ووفقاً للشروط المدرجة أدناه:

أ - تسديد نفقات التعليم بما فيها اقساط القروض التعليمية على ان تكون القروض المنتجة لهذه الأقساط قد أبرمت قبل 17/ 10/ 2019، والأكلاف المعيشية والإيجار المترتّبة على العميل الذي هو شخص طبيعيّ و / أو أفراد عائلته الذين هم على عاتقه.

ب - إيفاء أقساط القروض الشخصية السكنية الناشئة في الخارج، وذلك عند استحقاقاتها المتفق عليها أصلاً من دون اللجوء إلى أي تسديد مسبق.


ج - تسديد ضرائب أو رسوم أو التزامات مالية متوجبة لسلطات رسمية أجنبية.

د - تسديد نفقات في الخارج عائدة للاشتراكات والتطبيقات على الإنترنت عبر استعمال بطاقات الدفع والائتمان بالعملات الأجنبية.

3- يجب أن يُرفق طلب التحويل وفقاً للفقرة «2» أعلاه في مراحله كافة، بمستندات موثّقة ووافية وفق تعاميم تصدر عن المصرف المركزي، تثبت الحاجة لمضمون إحدى أو بعض الشروط المطلوبة من قبل المصرف المطلوب منه إجراء التحويل.

ثانياً: لكل فئة مُستثناة من حظر التحاويل وفق أعلاه، يحدّد المجلس المركزي لمصرف لبنان سقوفَ كل منها وفق ما هو منصوص عليه في المقطع «أولاً» من المادة الثالثة هذه كلما دعت الحاجة لذلك، على الا يتعدى مجمل سقوف الفئات الخمسين ألف دولار اميركيا سنويا للعميل الواحد.

ثالثاً: إنّ سقوف التحاويل المشار إليها أعلاه هي سقوف سنوية إجمالية تعتمد بالنسبة لكل عميل فيما خص جميع عمليات التحاويل الجارية وفقا لهذا القانون من جميع حساباته، بما فيها المشتركة، لدى جميع المصارف العاملة في لبنان.

 

المادة الرابعة: إنشاء وحدة مركزية التحاويل لدى مصرف لبنان

يقوم مصرف لبنان بإنشاء وحدة مركزية التحاويل (في ما يلي «الوحدة») لتلقي طلبات التحويل الى الخارج المنصوص عنها في هذا القانون باستثناء ما حددته المادة الثانية أعلاه من استثناءات.

 

المادة الخامسة: آلية الموافقة على طلبات التحاويل

عند تقديم طلب تحويل من عميل مصرف وفقا لأحكام هذا القانون، على المصرف المعني اتباع الآلية التالية:

أولاً- 1 - يتحقق المصرف الذي يتلقى طلب التحويل من ان التحويل المطلوب يندرج ضمن احد الاستثناءات المنصوص عليها.


 
2- عند الانتهاء من عملية التحقق، يقوم المصرف إما برفض الطلب وإما الموافقة عليه. في الحالة الأخيرة، على المصرف إرسال طلب التحويل الموافق عليه الى الوحدة لاتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن.

ثانياً: في حال رفض المصرف طلب التحويل المقدم من عميله، يكون لهذا الأخير الحق في تقديم مراجعة أمام الوحدة لإعادة النظر بقرار المصرف هذا. في حال رفض الوحدة لطلب العميل، يعتبر قرارها نهائيا وغير قابل للمراجعة

 

المادة التاسعة: تغطية التكاليف الضريبية والرسوم الرسمية

يسمح للمودعين بتغطية تكاليفهم الضريبية و / او الرسوم الرسمية المتوجبة من خلال تحويلات او شيكات مصرفية لصالح الخزينة المركزية، من ودائعهم بالعملات الأجنبية على أساس سعر التحويل المحدد في البند ج من الفقرة 2 في المادة الأولى من هذا القانون

 

المادة العاشرة: مدّة هذا القانون

يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسميّة لمدّة سنة فقط من تاريخ نشره، ويعود لمجلس الوزراء بناءً على توصية وزير المالية وحاكم مصرف لبنان تقصير هذه المدّة أو تمديدها لفترة إضافية لا تتجاوز سنة واحدة.

 

ضاهر

وتعليقاً على هذا اقتراح القانون هذا، يصف النائب ميشال ضاهر مشروع قانون الكابيتال كونترول بأنه أبعد ما يكون عن الكونترول، فمحتواه يختلف تماماً عن عنوانه بل الاصح القول انه قانون سرقة أموال المودعين. وأوضح لـ«الجمهورية» انّ «مفهوم الكابيتال كونترول يعني منع تحويل الأموال خارج لبنان الا لاستيراد السلع الغذائية او المواد الأولية الخام، بينما القانون المقترح يسمح للمودع بسحب أمواله بالعملات الأجنبية من المصرف على دولار 3900 ليرة يتجه الى السوق السوداء لشراء الدولار ثم يعطيهم للمصرف الذي سيتولى مهمة تحويل هذه الأموال. مثال أوضح: يسحب المودع ما قيمته 5000 دولار من المصرف على سعر 3900 ليرة فيحصل على 20 مليون ليرة، هذا المبلغ يساوي في السوق السوداء حوالى 1500 دولار فيأخذ هذا المبلغ ويعطيه للمصرف لإجراء التحويل. لكن المفارقة ان دولار المنصة سيظل 3900 ليرة بينما دولار السوق قد يتخطى الـ50 الفاً، وبهذه الطريقة سيشجع القانون المودعين على خسارة أموالهم وودائعهم من خلال السحب وفق سعر المنصة والشراء من السوق السوداء الذي سيرتفع سعر الدولار فيه نظراً لارتفاع الطلب عليه، فيصبح سعر الدولار متغير بشكل يومي. فأين الكونترول على التحويل؟ وتساءل: لماذا لم يحدد مشروع القانون على سبيل المثال سعر سحب الدولار من البنك بنسبة 50 % من سعره في السوق السوداء؟ لم اعتماد سعر المنصة الثابت على 3900 ليرة في حين انّ سعر الدولار في السوق لن يكون ثابتاً البتة؟ فبهذه الحالة ستنجو المصارف ويكون المودع الخاسر الوحيد.

 

واكد ضاهر انه لا يمكن السير بهذا القانون مطلقاً، والّا فإن مجلس النواب سيكون ممثلا للمصارف بدلاً من ان يمثل الشعب.

 

وعمّا اذا كان صندوق النقد جاهز للقبول بمشروع قانون الكابيتال كونترول أيا يكن محتواه، قال:

 

ان صندوق النقد يعير اهتماما كبيرا لمضمون القانون ولن يكتفي بالعنوان، مؤكدا انه حتى لو أقرّ القانون في المجلس النيابي فإن صندوق النقد لن يرضى عنه مطلقا.

 

تابع: يفترض بقانون الكابيتال ان يمنع التحاويل الى خارج لبنان منعا تاما الا بموجب موافقات استثنائية، على غرار ما فعلت مصر وقبرص واليونان. فالعملات الصعبة المتوفرة في البلد يجب ان تستخدم فقط للاستثمارات ولشراء السلع الغذائية والمواد الخام وذلك ضمن لائحة محددة، كذلك لتحويل الأموال للطلاب اللبنانيين في الخارج، اذا لا يجوز ان يستفيد من التحاويل فقط كبار المودعين فيقدم احدهم على شراء الدولار من السوق السوداء لشراء سيارة فخمة او لتحويل كلفة ثمن شقة في الخارج، بينما صغار المودعين الذين لا أملاك لديهم في الخارج لا يستطيعون ان يستفيدوا او ان يسحبوا أموالهم.