قال رئيس التيّار الوطني الحرّ بأن إدارة الظهر للغرب تتطلب الذهاب شرقاً بعد أن عاقبته الولايات المتحدة ورفضت فرنسا أيّ دور له في أيّ حكومة جديدة لذا استدبرا واستقبل قبلة موسكو بحثاً عن شيء مفقود حتى في روسيا التي تبحث هي أيضاً عن نفس الأشياء المفقودة باعتبار أن أميركا وحدها من تملك سلّة المصالح وهي من توزعها كيفما شاءت ووفق تقديرات خاصة بها. لذا لن يجد باسيل في روسيا ما يعيد له ما خسره غرباً، وفاقد الشيء لا يعطيه .

 


اذا كتلة الوفاء للمقاومة ركبت بفان روسي فكيف حال باسيل ؟ بمعنى آخر اذا من بيده مقاليد الحكم لم يتمكن من بناء رؤية بعيدة عن الغرب تسمح له بتجاوز أزمة من أعنف الأزمات وهي غير مسبوقة في بلد شهد كل أشكال الأزمات، ولم تسعفه علاقاته الإستراتيجية مع موسكو من إنقاذ لبنان الذي خسر فيه نفوذه بعد ضياع البلد وفقدانه لتوازنه الإقتصادي . اذ لا معنى لسيطرة على بلد ساقط ،وهذا ما سيرفع المزيد من أصوات لبنانية منددة بسياسات إيصال لبنان الى حتفه ،وهذا ما يضر بالقوة ممسكة بسياسة البلد، وهذا ما تستفيد منه القوى التي تمكّنت من جعل إيران السبب الكافي لفقدان لبنان لندرته العربية في السياسة والإقتصاد، ولما يعيشه اللبنانيون من ذُل ومهانة وصلت الى لقمة العيش .

 


يتصور باسيل أن لبنان بحجم تيّاره العوني لذا يتصرف وفق مصالح خاصة وحسابات خاصة به كفرد ويتظلل بلبننة مسيحية وبحقوق طائفية لإستنهاض غرائز انتهت نتيجة كثرة صلب المسيحيين بمسامير الحقوق والإمتيازات وهذا ما أدّى الى إنهاك الموارنة خصوصاً في حروب وسياسات أدّت الى خراب ودمار ولم تعمّر أيّ بيت مسيحي بإستثناء البيوتات السياسية المستفيدة من شعارات يا لثارات الإمتيازات المسيحية .

 

إقرأ أيضا: العونية السياسية و الحريرية السياسية صراع ديكة أو دجاجات ؟

 


لقد فشل باسيل في الحكومات كافة كشخص وكتيّار. كشخص من خلال كره اللبنانيين له نتيجة فشله في الوزارات التي استلمها ونتيجة لمنطقه السياسي ولسلوكه القائم على الإستفزاز وتغذية النعرات الطائفية وكتيّار من خلال تلاشي التيّار نفسه بعد أن اتخذه جبران رهينة لوصوله ولرهانته المستقبلية ومن خلال تصدّع الحالة العونية وتراجع مسيحيين مؤيدين لهذه الحالة بعد فشل ذريع للتيّار في الحكم و السلطة .وما هروب التيّار من الدعوة المبكرة لإنتخابات نيابية الاّ دليل واضح على معرفته المسبقة لصعوبة خوض معركة نيابية خاسرة بالنسبة له أو أنّها لن تعطيه الكتلة المستقوي بها .

 


من النادر جداً أو انها استثناء مسيحي أن يخرج رئيس مجموعة مسيحية من التراث السياسي المسيحي ويقرر مغادرة الغرب بعد معاداته والبحث عن ضامنين جُدُد للوجود المسيحي وهذا ما يفتقر للحكمة السياسية وهذا ما يدلل على وهن القيادات المسيحية التي تتحرّك غرائزياً لا عقلياً اذا لم يُدرك المسيحيون بعضهم البعض لمواجهة مغامرة باسيل الجديدة .

 


من الواضح أن البحث في الفراغ هو سيد مواقف الطبقة السياسية في لبنان لذا يأتي تجوال الرئيس المكلف وتحرّك باسيل وإعلان جنبلاط عن تحنّثه الحكومي ولوذ الرئيس بري بالصمت وترقب حزب الله عن كثب لإجتماعات فيينا  ليتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

 


كشفاً عن عمق الآتي من أوضاع مضيعة لما تبقى من بصيص نور في عتمة وطن .