هل يمكن فتح ملف الاجتهاد ،والحروب تحيط بنا من كل جانب، والخلاف المذهبي بلغ مداه، وهجرت الأمة هم الاجتهاد منذ اكثر من قرن من الزمان ،عندما لامسه المصلحون الاسلاميون مطلع القرن العشرين. فتساءلوا لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم حسب صيحة شكيب إرسلان. وقد مثل لهم الاجتهاد قمة العلم المحمود الذي مداده يوازي دماء الشهداء. فاستطاعوا بواسطته خلق حقل فكري كبير لثقافة ونظام معرفي مؤسس لنظام سياسي واجتماعي وقانوني. ومن الضروري اليوم ان نعود الى كل هذه المجالات والميادين، فنعبرها من جديد من أجل بلورة تيولوجيا إناسية منفتحة تعبر عن جهد متواصل لتحرير الوضع البشري الذي لا ينفك يغتني ويتسع.وإذ ندعي، أو حتى يحق لنا الإدعاء بأننا"مجددون"، او طلاب حركة تجديد حقيقية في الفكر الاسلامي، فإننا ندعوا إلى مغادرة كهوف القرون الوسطى لأنها مرعبة ومخيفة، وفيها تكمن جذور تخلفنا ومآسينا، ويحق لنا ان نحلم، وندعوا الى مراجعة"التراث الاسلامي" كله، وتأسيس لاهوت جديد في الاسلام، وهذا لا يعني خروجا على العقيدة والثوابت. لكن من حقنا أن نؤسس لعلاقة جديدة بين الله والانسان. بين المجال المقدس والمجال الدنيوي، بين العبادات والمعاملات. ولا ضير على ما أعتقد بالقول بأن أوروبا لم تتقدم وتنجز حضارتها إلا عندما قامت بالاصلاح الديني الذي تبعه الاصلاح السياسي والاجتماعي والاخلاقي.

 

إقرأ أيضا : باسيل..قديسٌ في بكركي، حاقدٌ غشيم أمام الإعلام

 

 


وقد يقال اننا لسنا في لحظة نهضوية، واننا نتقهقر منذ غياب ابن رشد، والواقع ان الغزالي لم ينتصر على ابن رشد، بل حركة التاريخ هي التي سارت القهقرى وما زالت، وهي التي أزاحت ابن رشد وابن خلدون وتراث الفلاسفة العرب والمسلمين المجيد. وحركة التجديد لا يمكن لها ان تكون شيعية او سنية. ولا يمكن لها ان تكون مشرقية او مغاربية. ليست عربية او فارسية او تركية. وهي ليست "تجديدا" اذا لم تكن مشروعا كليا منفتحا وحرا وحقيقيا.ومنفتحا هنا ليس بين المذاهب الاسلامية وحسب. بل مع اديان اهل الكتاب، ومنفتحا هنا ليس بين قوم بعينهم. بل بين القوميات والاعراق على اختلاف مشاربها وثقافاتها، وهذا بالطبع اول ما يطعن في المشروعيات القائمة والراسخة، وهذا دونه عقبات لسنا بالغيها الا بشق الانفس. وسيتحمل المتصدون لها كل انواع التجريح والتقريع، وصولا الى التكفير، ومن ابسط عقوباته حز الرقبة