المراوحة مستمرة على وقع استمرار القطيعة بين شريكي التأليف، وليس من اشارات تدل، او توحي، بأن هذه القطيعة ستقف عند حدها، وتعود العلاقات بين الرجلين الى مسارها الطبيعي، كل حسب موقعه وصلاحياته الدستورية وتكامل الادوار، درءً لما يمكن ان يتعرض له البلد من تطورات دراماتيكية وتداعيات سلبية على اكثر من صعيد.
 

ليس هناك من غموض وبلبلة اكثر مما الت اليه الاوضاع اللبنانية، ان على المستوى  السياسي، او على مختلف الصعد الاقتصادية والمالية والمعيشية والصحية، بل والامنية على نحو ما حصل من مواجهات امام قصر العدل في بيروت وادى الى تدخل الجيش، ما دفع العديد من المراقبين واصحاب الاختصاص الى تحذير اولياء الامور من الأسوأ، ان لم يفرج عن تشكيل الحكومة، خصوصا وان رأس الهرم المتمثل برئيس الجمهورية، متمسك بثوابته التعطيلية، رغم ان البلد مفتوح على كل الاحتمالات .

 

 

قد يكون تصريح رئيس الحكومة المكلّف  ، بعد زيارته الفاتيكان، الأكثر تعبيراً عن حقيقة ما يحصل على المستوى الحكومي، و أهم ما ورد في تصريح رئيس الحكومة المكلّف يكمن بأنّ الظروف لم تنضج لتأمين ولادة الحكومة العتيدة، وهو الأمر الذي كانت تنقله العديد من الأوساط السياسية اللبنانيّة في الفترة الماضية، لا سيّما أنّ أغلب خطوط التواصل بين المعنيين مقطوعة، بعد أن فشلت جميع الوساطات التي سعت العديد من الجهات إلى القيام بها.

 

 

وفي النتيجة، بات الوضع اللبناني على مفترق طريق، إمّا أن تتلقّف القوى المحلية، وأبرزها رئاسة الجمهورية، المسعى الدولي، وتسارع إلى تأليف حكومة إنقاذية قادرة على تنفيذ الأجندة الإصلاحية. ولو أنّ الأحداث والتطوّرات تثبت بما لا يقبل الشك أنّ القوى اللبنانية تعاطت مع المجتمع الدولي على قاعدة الابتزاز على حافة الهاوية نحن أو الفوضى.


وإما تترك القوى الخارجية الفوضى اللبنانية تأخذ مجراها قبل أن تضطر إلى التدخّل بوسائل ضغط جديدة أكثر قساوة .

 

مع الاسف ان الحل اللبناني لم ينضج بعد، لا داخليا ولا خارجيا، والجميع ينتظر ما يمكن ان تصل اليه الاتصالات والتطورات الحاصلة، اوروبيا واميركيا وعربيا، ومن بينها الجديد المستجد في الحوار السعودي  الايراني، الذي تستضيفه العاصمة العراقية، بغداد وما سيؤول من انعكاسات في الواقع اللبناني. رغم الدوران في حلقة السجالات المفرغة والاتهامات والاتهامات المضادة، التي تعبر عن تعثر ولادة الحكومة العتيدة، فإن الرأي العام بات على قناعة من امره بأن التنظير العبثي هو سيد المواقف والجميع يقرون بأن ما تبقى من محاولات، فرنسية مدعومة اميركيا، وروسية، وعربية لاخراج لبنان من ازماته خلصت الى لا شيء، ولم يعد ملف تشكيل الحكومة يشهد اي حراك ذي جدوى، وبقيت المراوحة على حالها رغم ما يرافق هذه المرحلة من سيناريوات توزع مسؤولية العرقلة، تارة على الخارج الدولي والاقليمي والعربي، وتارة اخرى على افرقاء الداخل اللبناني، حيث لم تتردد مرجعيات بدعوة اللبنانيين الى اقلاع اشواكهم بأياديهم.

 

 

إقرأ ايضا : هل ينجح الضغط الدولي بإخراج الحكومة اللبنانية؟

 

 

المراوحة مستمرة على وقع استمرار القطيعة بين شريكي التأليف، وليس من اشارات تدل، او توحي، بأن هذه القطيعة ستقف عند حدها، وتعود العلاقات بين الرجلين الى مسارها الطبيعي، كل حسب موقعه وصلاحياته الدستورية وتكامل الادوار، درءً لما يمكن ان يتعرض له البلد من تطورات دراماتيكية وتداعيات سلبية على اكثر من مستوى، خصوصا وان ما الت اليه الاوضاع، وما يتهدد لبنان من مخاطر، يرسم صورة بالغة السواد حول ما يمكن ان تصل اليه الامور، وهي صورة ستكون اكثر صعوبة وخطورة في ضوء ما يحكى عن انهيارات مرتبطة، اكثر واكثر، بسعر صرف الدولار، وما رافق ذلك من ارتفاع جنوني  اجرامي بأسعار السلع.

 

 

ليس من شك في ان التنظير ورمي التهم يمينا ويسارا، ومحاولات البعض غسل اياديهم بلقمة عيش المواطن هو سيد الموقف، في حين ان غالبية اللبنانيين، يبدون خشية حقيقية من ان يؤدي انسداد حل الازمة الحكومية الى المزيد من التعقيدات والوقوع في الافخاخ، بأثمان اكثر من ان يحتملها البلد.

 


وما يعيشه اللبنانيون هذه الايام، هو انقلاب موصوف على كل المعايير الدستورية والقانونية والقضائية والوطنية، مهشما سلطة الدولة واجهزتها، وقد حاول باسيل بالتقاطع مع زيارة الحريري الى الفاتيكان ولقائه قداسة البابا فرنسيس، احداث ترميم في وجه العونية السياسية، سعيا الى تظهير نفسه على انه المرجعية المسيحية  السياسية في لبنان، والفادي المخلص.

 


ختاماً وباختصار ، إعادة تشكيل المنطقة جارية على قدم وساق، فيما جهابذة الطبقة السياسية في لبنان يغرقون في حساباتهم الضيّقة ويدفعون البلد دفعاً الى قعر الهاوية ،وكما يبدو انّ لا محال من الانحدار اكثر فأكثر باتجاه الارتطام الكبير .