تعبنا من كثرة الكلام ، وضعنا وسط المناشدة لكل ذي ميّت وحيّ في آن ، وما عادت صرخاتنا بنافعة طالما أن المسؤولين نيام ولا من يوقظهم من سباتهم العميق فهم برحلة مع كوكب آخر حتى تأتي الإنتخابات وتأتي الإستحقاقات ساعتئذ تراهم ركّعاً سُجّداً لأصوات ليست بجيوبهم وتنهال علينا خطب ألف ليلة وليلة عن الضرورة والإستثناء و اللحظة الحرجة وكثرة الخبثاء و المؤمرات وتكاثر الناس علينا من أوّل الأرض الى آخرها ومن أوّل البشر الى آخرهم فنحن قوم محاطون دوماً بالأعداء ولا مجال لنا للراحة التي لا نبتغيها طالما آلينا على أنفسنا أن نكون كوكباً معتماً يجري هارباً وهو واقف مكانه لا يغادر ولكنه يظن أن له أرجلاً تحركه وتسير به بسرعة هائلة . 

 


ما نحتاجه في هذه الأزمة التي فرضتموها علينا نتيجة إفلاس حكوماتكم المتعاقبة وسياساتكم المسّنة منذ استلامكم دفّة الحكم و الحكومات. هو وضع حد لهذا الفلتان في الأسعار ووضع حد لجشع التجّار وخاصة في منطقة النبطية من الدكان الصغير الى التعاونيات التي تكاثرت مثل البعوض لتأكل لحم الناس بطريقة لا رحمة فيها وقد برزت أنياب التجّار كذئاب جائعة تقتل وتفتك يومياً بحاجات الجنوبيين وخاصة أولئك المتأذين من ارتفاع سعر صرف الدولار لا من المستفيدين من ارتفاعه والذين يساهمون مع التجّار في رفع الأسعار أكثر ما دامت الكثرة قادرة على تكنيس التعاونيات يومياً بعد أن استيقظ فيهم جوع قديم .

 

 

إقرأ أيضا: العونية السياسية و الحريرية السياسية صراع ديكة أو دجاجات ؟

 

 


من أوّل صيدا وحتى بيروت  حالة محطات البنزين في أكثر الظروف الصعبة لا تشهد طوابير مطنبرة كما هي أحوال المحطات من الزهراني وصعوداً بحيث كشف أصحاب المحطات عن وجوههم المشابهة لوجوه رجال السياسة وتجّار المواد الغذائية خاصة تلك المحطات التي سكّرت ماكنات التعبئة من أوّل أيام أزمة البنزين وهذا ما يؤكد ما قالة وزير طاقة وما تنافح به الكثيرون عن خط تهريب الصهاريج حدوداً دون إمكانية تُذكر لمنع ذلك طالما أنّ هناك من يرعي عمليات التهريب .

 


ما هي مصلحة الحكومة في تغطية جشع التجّار ؟ وما هي مصلحة القوى السياسية في تغطية جشع التجّار ؟ ثمّة قائلون بأن الطبقة السياسية  تشمل شبكات متعددة ومن بينها شبكة التجّار و ان العلاقة القائمة مابين السياسيين و التجّار علاقة وطيدة تحكمها مصالح مشتركة لا تنفك والخدمة متبادلة بينهم ولا يمكن فك هذا الإرتباط مهما كان حبل التجارة مدنساً .

 


لذا يتحكم التجار بلقمة الناس كما يتحكم السياسيون بحياة الناس من هنا تكمن صعوبة الردع المطلوب لفرملة إندفاعات التجّار المتهورة والتي تفرض يومياً على المواطنيين الكفر بالبلاد وبالمسؤولين عندما تجتاح عواصف الأسعار اليومية جيوب أصحاب الدخل المحدود .

 


قالوا أنّ الإعتراض السياسي ممنوع وأنّ التظاهر ضدّ الحكومة ممنوع و أنّ أيّ مظهر غير مسموح به بقاموس السلطة هو مشبوه فاقتنع اللبنانيون واستمسكوا بعصا السلطة التي أكرهتهم على السكوت  المطلوب ولكن ما حجتهم اليوم على كل من يعترض على اللحمة الطايرة في السماء وعلى "المحارم " التي أمست كالذهب لها بورصة يومية وبالفاكهة التي أصبحت هي الأخرى من عيار الذهب و الفضة وهكذا كل السلع من الخضار الى الحبوب في جنوب من المعيب أن تتحكم فيه مافيات المال .